ولا يلاحظ الواسطة ، ويعبر بعض علماء الأخلاق عن هذه الدرجة بتوكل الخواص.
وتفترق هذه الدرجة عن الدرجة السابقة في ان المتوكل في الاولى لا يرى شيئا إلا الله تعالى قد وثق بكرمه ولطفه وعنايته فربما يترك الدعاء والمسألة وثوقا منه به عزوجل في قضاء الحوائج كما قال ابراهيم الخليل (عليهالسلام) : «حسبي من سؤالي علمه بحالي» وفي هذه الدرجة لا يترك الدعاء والمسألة والتضرع وإلى هذه الدرجة يشير قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ) آل عمران ـ ١٥٩ فقد توكلوا في جميع أمورهم عليه عزوجل وأفنوا جميع حيثياتهم في الله تعالى وقد اعرضوا عن غيره.
الثالثة : ان يكون كثير الاعتناء بالأسباب فيرى للتدبير والاختيار في تهيئة الأمور الأثر الكبير ولكن لا يترك التوكل عليه عزوجل وهو يعتمد على توكله ويلتفت اليه دائما في أموره لا يغض النظر عنه وهذا هو الشغل الصارف عن الموكل اليه ، ولأجل ذلك اختلفت هذه الدرجة عن سابقتها في ان المتوكلين في الدرجة الثانية يعتمدون على المتوكل عليه وحده كما يعتمد على التضرع لديه بالدعاء والابتهال اليه عزوجل. والى هذه الدرجة يشير قوله تعالى : (وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ) آل عمران ـ ١٦٠.
وتختلف أيضا عن السابقة في ان هذه الحالة قد تدوم أياما كثيرة أو في جميع الحالات لدى المؤمنين بينما في الدرجة الثانية لا تدوم إلا أياما قليلة.
وقد عبر بعض العلماء (رحمة الله تعالى عليه) عن هذه الدرجة بتوكل العامي ، وربما يكون توكلهم في جميع الأمور وربما يكون في بعضها.