قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً).
جملة استينافية جيء بها تأكيدا لما ورد في الآية السابقة وتثبيتا لما فصل من احكام اليتامى سابقا.
وظلما حال اي : ظالمين أو تمييز يرفع الإبهام عن محتملات الاكل اي : ان الذين يأكلون اموال اليتامى من غير وجه شرعي فهم ظالمون أو ان أكلهم كان على سبيل الظلم وانما يكون ظلما إذا لم يكن الاكل له سبب شرعي إما بالاقتراض على وجه شرعي أو ما يأخذه بلحاظ اجرة عمله أو على وجه التقدير لاجرة العمل كما تقدم وفي غير ذلك يكون الاكل ظلما.
قوله تعالى : (إِنَّما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ ناراً).
هذه الجملة كناية عن الإثم العظيم ، وملء البطن النار يدل على تجسم الأعمال فتمثل الواقع الذي يعيش عليه آكل اموال اليتامى ومن هضم حقوقهم وان لم نره بالعيان.
أو ان ما يوجب إلى الغاية المهوّلة المخزية تكون موجبة لاستحقار سائر الغايات فان النار التي تترتب على أكل اموال اليتامى هي غاية عظيمة مهولة يستحقر معها سائر الغايات فكأن الاكل نار محضة ولذا جيء بكلمة الحصر.
وعلى كلا الوجهين يكون الكلام على وجه الحقيقة دون المجاز.
وقيل : ان الكلام على المجاز دون الحقيقة لان المتبادر من (يَأْكُلُونَ) انه للحال دون الاستقبال بقرينة العطف عليه بقوله تعالى : (وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً) المشتمل على حرف الاستقبال ، فلو كان المراد حقيقة الاكل ووقته يوم القيامة لكان الأنسب أن يكون لفظ الآية هكذا (فسيأكلون