فقط قابل لهما والأفعال انما تنبعث عن كل واحد منهما حين تثبت الغالبية أو المغلوبية لكل واحد منهما؟ والحق هو الثاني لأدلة كثيرة يأتي في الموضع المناسب تفصيل الكلام فيها والقول بالأول يستلزم بطلان الثواب والعقاب ومحاذير كثيرة لا يقبلها العقل.
والآية الكريمة صريحة في المطلوب فإنها تدعو الناس إلى ابتغاء رضوان الله عزوجل في الأعمال والأقوال والاعتقادات وأطاعته عزوجل والاهتداء بهدى الداعين إلى الصلاح من الأنبياء والمرسلين واولياء الله الصالحين ولا بد رسوخ هذا الأمر الاقتضائي الذي يدعو الى رضوان الله تعالى في النفس ليغلب على الطرف الآخر الذي يدعو إلى سخط الله تعالى وان لم يوجب زواله بالكلية ولا يتحقق ذلك إلا بازالة الحجب والموانع عن النفس وما تدعو اليه الفطرة وما يرشد إلى الهداية وهذا من أهم الطرق التي اتبعها الأنبياء في تربية النفوس الانسانية وبها يقوم النظام الأحسن الانساني.
ويمكن ان يقال : ان ذلك لا يختص بالتربية الإلهية بل تجرى في غيرها من الأمور الشرعية والعقلية فان في الإنسان الفطرة المستقيمة ونور العقل وركيزة الجهل وحياة العزم والخيال ، والعالم قائم بذلك كله.
والرضوان : مصدر كالرضا مصدر رضي والصحيح انه اسم مصدر فان معناه أوفر من الرضا وفيه من المزية ما لا توجد في مجرد الرضا قال تعالى : (يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللهِ وَرِضْواناً) الحشر ـ ٨ وقال تعالى : (وَرِضْوانٌ مِنَ اللهِ أَكْبَرُ ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) التوبة ـ ٧٢.
والآية المباركة تدعو الناس إلى جعل رضوان الله تعالى مقصودهم في جميع أمورهم وشؤونهم فانه السعادة العظمى والصراط المستقيم وهو لا يتحقق الا بمطابقة ما يصدر من الإنسان مع دين الحق وشريعة الله