وقد كشف العلم الحديث كشفا صحيحا بمشيته واذنه تعالى وفي السنة المقدسة ما يدل على ذلك وقد ورد بعضها في كتاب النكاح وغيره قال تعالى : (وَبارَكْنا عَلَيْهِ وَعَلى إِسْحاقَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِما مُحْسِنٌ وَظالِمٌ لِنَفْسِهِ مُبِينٌ) الصافات ـ ١١٣ بدعوى ان الإحسان في المحسن حصل من الملكات الموروثة وكذا ظلم الظالم لنفسه صار مقتضيا لظلم الذرية وقال تعالى : (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً وَإِبْراهِيمَ وَجَعَلْنا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا النُّبُوَّةَ وَالْكِتابَ فَمِنْهُمْ مُهْتَدٍ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فاسِقُونَ) الحديد ـ ٢٦ ، وقال تعالى : (آباؤُكُمْ وَأَبْناؤُكُمْ لا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعاً).
الثالث : الوراثة الروحانية وفي بعض المعنويات في الجملة فيورثها الأب لذريته قال تعالى : (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمانٍ أَلْحَقْنا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ) الطور ـ ٢١ وغيره من الآيات المباركة.
وهذا القسم يختص بأولياء الله تعالى يتقدمهم سيد الأنبياء وذلك مشروط بعدم النقص والخلل في الذرية فإنهما يمنعان عن تلك الوراثة بعد الاعتقاد بانه تعالى عليم حكيم.
ويمكن ان يجتمع في ولي من اولياء الله تعالى أو نبي من أنبيائه الوراثة في المال والصفات الحسنة والوراثة التشريعية الروحانية فما نسب إلى نبينا الأعظم (صلىاللهعليهوآله) : «إنا معاشر الأنبياء لا نورّث درهما ولا دينارا» ليس في مقام نفي الوراثة أصلا وإلا لخالف الآيات الشريفة بل في مقام ان الأنبياء ليسوا في مقام جمع المال وادخاره لورّاثهم ـ كما يصنع أبناء الدنيا ـ فان شأنهم ومقامهم يجل عن ذلك نعم لو فرض شيء لهم ينتقل بعدهم إلى وارثهم وان الورثة يصرفونه في ذوي الحاجات وهذا هو معنى ما الحق بذيل الحديث : «وما تركناه صدقة» فمعنى صدر الحديث وذيله ان النبي ووارثه الروحاني كل منهما