الفواحش في إيجاب المفسدة المهلكة والى ذلك أشار عزوجل في سورة العصر : (وَالْعَصْرِ إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَتَواصَوْا بِالْحَقِّ وَتَواصَوْا بِالصَّبْرِ) وهذه السورة على صغرها تعين مبدأ الإنسان ومنتهاه الاختياريين ، كما ان قوله تعالى : (إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ) البقرة ـ ١٥٦ يعين مبدؤه ومنتهاه غير الاختياريين ، مع اننا إذا لاحظنا معنى قوله تعالى : (إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ) بالملاحظة التفصيلية في المعتقدات والأفعال والحركات والسكنات يكون داخلا في قوله تعالى : (إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَتَواصَوْا بِالْحَقِّ) وكيف كان فان اكبر الفواحش حب الدنيا الذي يجتمع مع الاهوية النفسانية ، وحينئذ يكون الحد لهذه الفاحشة هو إماتة النفس الامارة وإصلاحها بالتوبة والعمل الصالح وترويضها بالملكات الفاضلة وتزيين النفس بالأخلاق الحميدة وتزكيتها بالتقوى ليحصل القرب الى الله تعالى والبعد عن الدنيا وما فيها فان ذلك هو الكمال المطلق.
(إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولئِكَ يَتُوبُ اللهُ عَلَيْهِمْ وَكانَ اللهُ عَلِيماً حَكِيماً (١٧) وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ حَتَّى إِذا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ وَلا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُولئِكَ أَعْتَدْنا لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً (١٨))