لتأثرها بما كان من غير الحق قولا أو فعلا فيزيد التحذير والتخويف في اشتداد الايمان بربهم ولم يعد يؤثر في نفوسهم فان الإنسان إذا لم يحسن الظن بأحد واعتقد بكونه على الخلاف ويريد الإضلال والإفساد من أقواله وأفعاله فانه لا يلتفت إلى تخويفه وكل ما أصر عليه زاد في تصميمه والمضي على ما يريد وقوي العزم عنده على طاعة الله والرسول وثبت على دين الحق لأنه يرى نفسه محقا وانه على يقين من نصر الله تعالى وعلى علم من ان الله عزوجل لم يتمّ لهم أمرهم إلا مع ملاقاة الأهوال وان النصر لا يكون إلا في الجهاد مع اعداء الله تعالى والقتال معهم.
وانما يظهر اثر هذه الزيادة في الايمان في اعتقاده وأقواله وأفعاله ويشتد بذلك كله عزيمته على الاقتحام في الشدائد وتحملها في جنب الله فلا يخاف فيه لومة لائم.
قوله تعالى : (وَقالُوا حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ).
هذا أثر من آثار زيادة الايمان فيهم واشتداده في قلوبهم فإنهم صدقوا في أقوالهم وعبَّروا عما يجيش في نفوسهم واعتقدوا بأن الله تعالى يكفيهم من الأمور وقد اعرضوا عن ما سوى الله تعالى ، وهو نعم الوكيل الذي يدبر أمورهم ويكفيهم أعداؤهم وينصرهم عليهم لأنه لا يعجزه شيء في السموات والأرض فاجتمعت النية الصادقة والفعال الحسان والقول الحق فيهم.
وحسبنا مأخوذ من الإحساب وهو الكفاية يقال احسبني الشيء اي كفاني. وقيل انه مصدر مأول باسم الفاعل اي فحسبنا. والحق هو الاول.