واعماله وأقواله فان له الفضل العظيم والمنزلة الكبرى عند الله عزوجل قال تعالى : (وَالَّذِينَ جاهَدُوا فِينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا) العنكبوت ـ ٦٩ والجهاد الأصغر وان كان في وقت معين معلوم اما الجهاد الأكبر فان مدته أطول ومعاناته أشد وأعظم.
والمجاهدون مع النفس الامارة لهم الحياة الحقيقة لان الأرواح لها نحو تعلق خاص بالمبدأ الفياض ، والحي القيوم فإذا اشتد ارتباطها معه اشتاقت اليه ، وان حبها له قد تصل إلى مرتبة لا تحس بآلام الجراح ووقع السيوف مثل ما نسب إلى علي (عليهالسلام) من عدم توجهه إلى إخراج السهم من بدنه حين اشتغاله بالصلاة وقد نظم هذه القضية جملة من العرفاء باشعار لطيفة وما نسب الى الصادق (عليهالسلام) من مشيه على النار وقوله (عليهالسلام) : «انا ابن ابراهيم الخليل» الى غير ذلك من آثار ذلك العالم الوسيع الذي لا يمكن ان يحيط به بيان فانه لا يهدي من الجنة إلا بعض ثمارها لإتمام أشجارها. وحينئذ يقدر العبد المجاهد المؤمن على الخلع واللبس ، ومن حيث شروق نوره على هذا البدن يتحرك البدن بقدر ذلك الشارق ، ومع درك هذه المرتبة قد يصل الى مرتبة جمع الجمع بأن يكثر بدنه كما نسب الى بعض الأولياء من وجودهم في زمان واحد في امكنة متعددة ، وقد رأينا بعض مشايخنا (رضوان الله تعالى عليه) ورآه بعض أصحابه في عين هذا البدن في محل آخر ، ولكن لا يعد ذلك شيئا في مقابل تلك المجاهدات لشدة تفانيه في مرضاة الله تعالى ومن هنا تنكشف أبواب من المعارف.
ويمكن ان يكون قوله تعالى : (الَّذِينَ اسْتَجابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ ما أَصابَهُمُ الْقَرْحُ) اشارة الى بعض مقامات العارفين بالله في سيرهم