يوم الجمعة في المسجد لا يعيد الوضوء ، خوفاً من إنكارهم علىٰ ذلك ، ويكون قوله : « لأنّه حال ضرورة » يراد به الخوف .
نعم : قد يتوجه عليه أنّ الاعتذار بعدم الوضوء ممكن ، إلّا أن يقال : إنّ قبول هذا من أهل الخلاف غير معلوم ، ولعل الحمل المذكور أولىٰ من حمل الشيخ ، وإن أمكن أن يوجّه التيمم بأنّه أولىٰ من الصلاة بغيره ، وإن كان في البين إشكال .
أمّا ما اعترض به شيخنا قدسسره في المدارك ، بعد نقله عن النهاية والمبسوط القول بالتيمم إذا منعه الزحام عن الخروج ، قائلاً : إنّه ربما كان مستنده رواية السكوني ، وهي ضعيفة السند جداً ، ثم قوله قدسسره : والأجود عدم الإعادة ، لأنّه صلّىٰ صلاة مأموراً بها ، إذ التقدير عدم التمكن من استعمال الماء قبل فوات الجمعة (١) . ففيه نظر :
أمّا أوّلاً : فلأنّ رواية السكوني وإن كانت ضعيفة إلّا أنّ ما نقله هنا من رواية ابن سنان لا يخلو من اعتبار ، والجمع بينهما وبين الأخبار الدالة علىٰ نقض الوضوء بالنوم يحتاج إلىٰ ما قاله الشيخ ، فعدم الالتفات إلىٰ ذكر مثل هذا لا يخلو من شيء .
وأمّا ثانياً : فلأنّ رواية السكوني إذا رُدّت بالضعف ، فجواز التيمم والحال هذه مع عدم التمكن من الماء وصحة الصلاة يقتضي أنّ الجمعة صحيحة ، والجمعة المذكورة في رواية السكوني ظاهرها أنّها مع أهل الخلاف ، فلو كانت مع غيرهم فالضرورة بعيدة ، إلّا أن يقال بالإمكان ، وهو كاف .
__________________
(١) مدارك الاحكام ٢ : ٢٤٠ ، وهو في النهاية : ٤٧ ، والمبسوط ١ : ٣١ .