قلت : الأمر كما ذكرت ، إلّا أنّ الذي رأيته دعوىٰ الإجماع علىٰ الاستحباب في الغسل مطلقا ، فإن تم الإجماع ، وإلّا أمكن ما ذكرت ، ولم أر الآن من نبّه علىٰ ذلك .
وفي نظري القاصر : أنّ صحيح (١) زرارة لا يخلو من دلالة علىٰ الاختصاص بالمرتّب ، إلّا أن يقال : إنّ قوله : « ولو أنّ رجلاً جنباً » إلىٰ آخره ، ليس منفكاً عما تقدّم في صدره من المضمضة والاستنشاق ، بل قد يدعىٰ ظهور أنّ المراد : مَن فَعَل ما ذكر أوّلاً في الخبر وارتمس أجزأه ، إلّا أنّ مجال الاحتمال واسع ، ولو تحقق الظهور لا يضر بحال الاستدلال ، غير أنّ في البين توقفا ، فالعمدة علىٰ (٢) الإجماع .
فإن قلت : قوله في الحديث : « وإن لم يدلك جسده » يدل علىٰ أنّ الارتماس اُتي به لبيان هذا ، وفيه إشارة إلىٰ أنّ دلك الجسد في المرتب يفعل ، وحينئذ لا تعلق له بما تقدم من المستحبات .
قلت : بل الظاهر بما ذكرت استحباب السابق ، إذ لم يستثن سوىٰ دلك الجسد .
وينبغي أن يعلم أنّ بعض محققي المعاصرين ـ سلّمه الله تعالىٰ ـ نقل عن العلّامة إطلاق غَسل اليدين بحيث يشتمل الغُسل المرتب وغيره ، ثم قال : وهو محتمل (٣) . وأنت خبير بأنّ الأخبار لا تعطي ذلك ، إلّا بمعونة ما قررناه في خبر زرارة ، وإلّا فمجرد الاحتمال لا وجه له بدون البيان .
ثم إنّ ظاهر خبر زرارة غَسل الكفّين ، وفي صحيح يعقوب بن
__________________
(١) في « رض » : خبر .
(٢) في « رض » : في .
(٣) الشيخ البهائي في الحبل المتين : ٣٩ .