لأنّ غاية ما يستفاد منها عدم إعادة الغُسل مع البول لا وجوب البول .
وربما احتمل الاستدلال للوجوب بخبر أحمد بن محمد السابق نقله عن الشيخ في التهذيب ، حيث قال فيه : سألت أبا الحسن عليهالسلام عن غسل الجنابة ، فقال : « تغسل يدك اليمنىٰ من المرفق (١) إلىٰ أصابعك ، وتبول إن قدرت علىٰ البول » (٢) فإنّ الجملة الخبرية بمعنىٰ الأمر في هذه المواضع .
وفيه : أنّ الظاهر جريان الجملتين علىٰ وَتيرة واحدة ، كما كرّرنا القول فيه ، ولمّا كان غَسل اليد مستحباً فالبول مثله .
وما عساه يقال : إنّ الغَسل إذا خرج بالإجماع لا يلزم خروج ما فيه الخلاف ، فجوابه : استبعاد اختلاف الجمل .
ولزوم الإشكال بوجوب بعض مقتضيات الخبر ، فلا يتم التوجيه . يمكن الجواب عنه : بأنّ العدول إلىٰ الأمر بقوله : « ثم اغسل ما أصابك منه ، وأفض الماء (٣) علىٰ رأسك » قرينة علىٰ استحباب ما قبله .
وقد يشكل : بأنّ تسليم كون الجملة الخبرية بمعنىٰ الأمر يقتضي أن لا فرق بين الأمر وما يقوم مقامه .
وما قاله بعض محقّقي المعاصرين ـ سلّمه الله ـ في جواب الاعتراض بأنّ دلالة الجملة الخبرية في المقامات الطلبيّة علىٰ الوجوب ممّا لا ينبغي التوقف فيه : من أنّ قول علماء المعاني في العدول عن الطلبية إلىٰ الإخبارية لشدّة الاهتمام ليس منحصراً في ذلك ، بل له أسباب اُخر (٤) .
__________________
(١) في التهذيب ١ : ١٣١ / ٣٦٣ : المرفقين .
(٢) تقدّم في ص ٢٣٥ .
(٣) ليست في التهذيب .
(٤) الحبل المتين : ٤٠ .