يراد به ما قاله المحقق ، لكن لمّا جعل مورد كلامه علىٰ متن رواية ابن أبي عمير عن حماد توجّهت عليه المناقشة .
والعلّامة في المختلف لمّا ذكر الروايتين في بحث الجنابة للاستدلال بهما علىٰ عدم الوضوء مع غسل الجنابة بجعل الأولىٰ في الصحيح ، عن ابن أبي عمير ، عن رجل ؛ والاُخرىٰ في الحسن ، عن حماد بن عثمان ، لم يذكر ما أجاب به المحقق ، وأعاد الرواية الاُولىٰ للاحتجاج علىٰ تقديم الوضوء للقائل به ، وأجاب باحتمالها الاستحباب (١) .
وهذا الجواب في ظاهر الحال لا يخلو من خلل ؛ لأنّ الاستحباب إن كان لمعارضة الدليل الدال علىٰ جواز التأخير وهو ما ذكره من أصالة البراءة من وجوب التقديم ؛ ولأن الوضوء يراد للصلاة فلا يجب قبلها ؛ ولأنّه إذا اغتسل لغير الجنابة فقد فعل المأمور به فيخرج عن العهدة . فالدخل فيه ممكن (٢) :
أمّا أوّلاً : فبأنّ أصالة البراءة يعارضها ظاهر الخبر ، ولو لم يخرج عن أصالة البراءة بالظاهر لم يتم إثبات الأحكام غالباً .
وأمّا ثانياً : فلأنّ إرادة الوضوء لأجل الصلاة مطلقا غير مسلّم ، إذ الإجماع منتف ، لوجود القائل هنا ، ولو سلّم نقول : علىٰ تقدير وجوب الصلاة يجب التقديم ، إلّا أن يقال : إنّ القائل بهذا التفصيل غير معلوم ، وسيأتي عن شيخنا المحقق ـ أيّده الله ـ كلام في تحقيق معنىٰ هذا الوضوء .
وأما ثالثاً : فلأنّ فعل المأمور به مطلقاً غير مسلّم الحصول كما لا يخفىٰ .
__________________
(١) المختلف ١ : ١٧٨ .
(٢) في « فض » : يمكن .