وثانيا : أنّ التشديد إذا وقع بمعنىٰ عدمه كان أقرب لتوافق القرائتين معنىً ، من حيث كون النهي عن حالة المحيض في القراءتين ، ويؤيّد بأنّ سبق العلم بالتحريم وإن حصل بالأمر بالاعتزال ، إلّا أنّ تأكيده يفيد (١) المبالغة المطلوبة في عدم المباشرة ، وإن كان التأسيس خيراً منه في بعض الأحيان ، لا مطلقاً .
ومن هنا يعلم أنّ ما قاله المحقق في المعتبر : من أنّه لو قيل : قد قُرئ بالتضعيف في ( يَطْهُرْنَ ) قلنا : فيجب أن يحمل علىٰ الاستحباب توفيقاً بين القراءتين ودفعاً للتنافي بينهما (٢) . ( إن كان غرضه ما قرّرناه أوّلاً كما هو الظاهر محل بحث ، ويمكن الجواب بأنّ القراءتين إذا اتحدتا مآلاً كفىٰ والأمر متحقق ) (٣) .
ثم إنّ المستدل بما قدّمناه نفىٰ المعارضة بقوله تعالىٰ ( فَإِذا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ ) (٤) حيث شرط في إباحة الوطء التطهير الذي هو الغُسل ، بأنّ مفهومه انتفاء رجحان الوطء مع عدم التطهير ، وهو أعمّ من التحريم ، فيحتمل الإباحة .
سلّمنا أنّ الأمر هنا للإباحة لكن يمنع إرادة الغُسل من التطهير بل يحمل علىٰ الطهر ، لوروده بمعناه كما تقدم . أو علىٰ المعنىٰ اللغوي المحقق بغَسل الفرج .
سلّمنا أنّ المراد بالتطهير الغُسل ، لكن نقول : مفهومان تعارضا ، فإن
__________________
(١) في « فض » : يقيد ، وفي « رض » : بعيد .
(٢) المعتبر ١ : ٢٣٥ .
(٣) ما بين القوسين ليس في « رض » .
(٤) البقرة : ٢٢٢ .