ذكر غُسل الفجر للمتوسّطة في كلام الأصحاب (١) ليس علىٰ وجه التعيّن ، ضرورة أنّ الدم بتقدير وجود شرط المتوسطة لا يلزم أن يكون عند الفجر ، بل لو وجد عند الظهر أو العصر وغيرهما كذلك ، كما أنّ الكثير لا يلزمها البدأة بالفجر فيما لو حصلت الكثرة عند الظهر أو العصر أو المغرب ، غاية الأمر أنّه يلزم إشكال في المقام علىٰ تقدير ابتداء الدم من غير الفجر في الكثيرة بالنسبة إلىٰ الثلاثة الأغسال ، وبيان ذلك لم أجده في كلام الأصحاب ، وقد فصّلت ذلك في غير هذا الموضع .
والظاهر أنّ الباعث للأصحاب علىٰ ذكر الفجر أوّلاً هو النص ، لكن تعين مدلول النص دائماً لا يوافقه الاعتبار والتأمّل الصادق في مدلول معتبر الأخبار ، ولعلّ التعبير بما تضمنته الرواية المبحوث عنها من قوله : « في كل يوم وليلة ثلاث مرات » أولىٰ ، وإن كان فيه الإشكال أيضاً .
ثم إنّه يمكن توجيه كلام الشهيد بأنّ قوله عليهالسلام : « وسال الدم . . . » بمعنىٰ الحال ، أي والحال أنّه سال الدم قبل الطرح ، ويراد بالسيلان النفوذ فقط ويكون قوله عليهالسلام في الكثيرة : « يسيل من خلف الكرسف صبيباً . . . » قرينة علىٰ أنّه في السابق نفذ من غير سيلان ، ولا مانع من إطلاق السيلان بالاشتراك ، إلّا أنّه لا يخفىٰ توقف التوجيه علىٰ الثبوت من غير الرواية ، أمّا منها فالاحتمال لا يفيد إثبات المطلوب .
والظاهر من الشهيد أنّه لم يعتمد علىٰ الرواية وحدها ، بل في رواية لزرارة ما قد يظن منها ذلك ، وإن كان الحق خلافه ، والغرض مجرّد التوجيه
__________________
(١) منهم الحلّي في السرائر ١ : ١٥٣ ، والعلّامة في المختلف ١ : ٢٠٩ ، والشهيد الأوّل في الذكرىٰ ١ : ٢٤٢ .