لا تخلو من نظر في مواضع ، وأظن أنّ الوجه في النظر منكشف .
والذي يخطر في البال بعد ما قدمناه من جهة دلالة رواية زرارة أنّ التوقف في التداخل مطلقا لا وجه له ، والشك الذي حصل للبعض من جهة نيّة الوجه (١) يمكن دفعه بأنّ دليل وجوب نيّة الوجه الذي ذكره القائلون بذلك ـ علىٰ تقدير تماميّته ـ لا يمنع التخصيص بما دلّت عليه الرواية ، والعقل لا يدفع مدلول الرواية لتكون مخالفة لدليل العقل فتطرح .
وما عساه يقال : إنّ اجتماع الضدّين إذا كان محالاً فلا بدّ من عدم العمل بالرواية .
جوابه : أنّ التضادّ إنّما يتحقق لو اعتبرنا نيّة الوجه ، وقد نفينا ذلك في الذي نحن فيه ، فالإشكال من حيث نيّة الوجه أمره سهل .
غاية الأمر إنّ الحكم بالتداخل ـ مع ثبوت أنّ كل سبب يقتضي وجوب مسبّبه ، والتداخل خلاف الأصل ـ محل بحث .
فإن قلت : قد ثبت في الأحكام الشرعية تعدّد الأسباب مع الاكتفاء بالمسبّب الواحد كالوضوء والغسل إذا تعدّد سببهما مع الاتحاد نوعاً في الثاني كالجنابة مثلاً ، والأعم من ذلك كأسباب الوضوء .
قلت : لا ريب فيما ذكرت ، إلّا أنّ الإجماع وغيره قد ثبت فيما ذكرت ، والكلام فيما فيه الخلاف .
وليس لأحد أن يقول : إنّ المقصود من الشارع فعل الغسل بإجراء الماء علىٰ البدن بالنحو المقرّر ، وهو حاصل بالغسل الواحد ، كالوضوء علىٰ تقدير تعدّد السبب ، والغسل علىٰ تقدير الاتحاد النوعي .
__________________
(١) انظر المعتبر ١ : ٣٦١ .