ومن ثمّ ذهب المحقّق في الشرائع إلى الاكتفاء في العود بسماع الأذان (١) ، ولو كان خفاء الجدران المذكورة في الذهاب شرطاً في تحقق السفر لكان معتبراً في الإياب ، وما قيل من التلازم بينهما (٢) محلّ كلام.
والخبران المعتبران الدالّ أحدهما على التواري من البيوت في الذهاب والآخر على عدم سماع الأذان ، وإن اختلف الأصحاب في الحكم بهما ، فقيل باعتبار الجمع بينهما فيشترط الخفاء وعدم السماع (٣) ، وقيل بالتخيير (٤) ، إلاّ أنّ الأوّل لا يخلو من إشكال ، لا من حيث إنّ الشرطين لو كانا معتبرين معاً لزم تأخير البيان عن وقت الحاجة كما ذكره بعض محقّقي المتأخّرين (٥) رحمهالله لأنّ تأخير البيان عن السائلين غير معلوم ، ولو كان كذلك لما أمكن حمل مطلق على مقيّد ، وعامّ على خاصّ ، ومجمل على مبيّن ، بل لأنّ الظاهر في مثل هذا التعبير الاكتفاء بأحد الأمرين إذ الجمع (٦) يقتضي تقديراً في كل منهما والأصل عدمه ، وإن أمكن الدخل في هذا وادّعاء التلازم بين الأمرين والاكتفاء بأحدهما لذلك ، إلاّ أنّ هذا يستلزم القول به في الإياب على تقدير اعتبار الأذان دون دخول البيت ، ولعلّه أخفّ من تكلّف القول بعدم تحقق السفر بدون ذلك ، وبالجملة فمجال القول واسع ، والملخّص ما ذكرناه.
__________________
(١) الشرائع ١ : ١٣٤.
(٢) لم نعثر عليه.
(٣) كما في التنقيح الرائع ١ : ٢٩٠.
(٤) كما في المدارك ٤ : ٤٥٩.
(٥) الأردبيلي في مجمع الفائدة ٣ : ٣٩٨.
(٦) في « د » : أن الجمع ، وفي « رض » : أو الجمع.