والحق أنّ الاعتبار يشهد بأنّ النهي عن الضد أو عدم الأمر بالضد وإنْ كان لا يتحقّق إلاّ بخصوص الفعل ، إلاّ أنّ ما نذكره فيما بعد من الإشكال في ذلك يلزم منه توجّه أحد الأمرين إلى الفعل ، لكن الترجيح للقضاء على صاحبة الوقت لا وجه له ، إذ الفعل كما اعتبر في القضاء يعتبر في الأداء ، وأمّا التعبير من شيخنا المعاصر سلّمه الله بقوله : عدم الأمر بضده ، فالغرض منه : الإشارة إلى أنّ ما قاله أهل الأُصول من الخلاف في استلزام الأمر بالشيء النهي عن ضدّه غير واضح بما بيّنه في الزبدة (١) ، وأنّ الذي ينبغي أن يقال : عدم الأمر بضدّه.
وقد يناقش في هذا بأنّ الضد المبحوث عنه هو الضد الخاص ، وهو الأمر الوجودي ، والمحقّقون على أنّ المأمور به الماهيّة والفرد وجود له (٢) لأنّه لا يتم إلاّ به ، فالضد غير مأمور به عندهم ، وحينئذ لا فائدة في قولنا : الأمر بالشيء يستلزم عدم الأمر ، لأنّ عدم الأمر حاصل قبل الأمر بالشيء ، واحتمال أن يقال : إنّ الضد قد يكون كلّياً إضافيّاً فيتحقق الأمر به ويتم المراد ، يمكن أن يجاب عنه : بأنّه خروج عن محل النزاع وهو الضد الخاص.
فإن قلت : قد صرّح الأُصوليون بأنّ الأمر بالشيء يستلزم النهي عن ضدّه العام (٣) ، وحينئذ فيه دلالة على تحقّق الضد في الكلّي.
قلت : قد ذكر بعضهم أنّ للضد العام معنىً يرجع إلى الأمر الوجودي ، كما نقلناه في حواشي المعالم ، وإنْ أشكل الحال في قولهم
__________________
(١) زبدة الأصول : ٨٢.
(٢) في « د » و « رض » : والفرد وجوبه ، وفي « فض » : وجود به ، والظاهر ما أثبتناه.
(٣) كما في مبادي الأصول : ١١٢ ، ومعالم الأصول : ٦٣.