واحتمال أن يقال : إنّهما غير صريحتين في الأداء فيجوز إرادة القضاء ولو على وجه الاستحباب كما ينبّه عليه ذكر فعلهما بعد الصبح ، مع دلالة بعض الأخبار على الاستحباب مع التعدد يدفعه ذكر البدأة بالعشاء على تقدير عدم إمكان فعلهما ، إذ القضاء يقتضي تقديم المغرب.
أمّا دلالة الرواية على الاختصاص بالعشاء فظاهرة ، غير أنّه يظهر منها المخالفة لحكم اختصاص النصف ، لأنّ من اتسع الوقت له لِفِعْل خمس ركعات يفعل الفرضين ، والخبر يعطي أنّ الخوف من فوت إحداهما يقتضي البدأة بالعشاء ، لكن لا يخفى أنّ ما دلّ على أنّ إدراك الركعة كافٍ ، يتحقق به إدراكهما بتقدير إدراك الخمس.
ثم إنّ الخبر ظاهر في أنّ الفائتة مع التعدد لا يجب تقديمها على الحاضرة مع السعة ، لدلالته على أنّ المغرب والعشاء يفعلهما قبل طلوع الشمس ، وهو يدل على اتساع الوقت ، ويستفاد منه أنّ المراد بخوف الفوات فوات وقت الفضيلة للصبح ، وهذا ربما يشمل المتحدة المشترط في تقديمها عدم خوف الفوات ، إلاّ أن يدّعى أنّ ما لا يجب تقديمه يكفي فيه خوف فوت الفضيلة بخلاف ما يجب ، وستسمع (١) إن شاء الله الكلام في المتحدة.
وأمّا الخامس : فكالرابع ، وفيهما دلالة على كراهة القضاء حين طلوع الشمس وبقاء شعاعها ، ولا يخفى أنّ ما سبق من رواية زرارة في الباب السابق (٢) الدالة على جواز القضاء في أيّ وقت ينفي الكراهة ، والجمع بينه وبين هذين بحمل الجواز على نفي التحريم وهذين على الكراهة ، لكن
__________________
(١) في ص ١٤٣٦.
(٢) في ص ١٤١٧.