تفعل كذا وكذا إلى آخر أحكام دم الاستحاضة ، وكان يثبت ما لم يذكر فيها بالإجماع المركّب .
ولا تنافي بين اعتبار وصف خاص لدم الاستحاضة ، وثبوت مثل أحكامه للدماء الاُخر وإن لم يعلم كونها ذلك الدم المخصوص .
كما لا تلازم بين ثبوت هذه الأحكام لدم وبين كونه دم استحاضة لغةً أو شرعاً .
نعم ، غاية الأمر أنّ بناء الفقهاء والمتشرّعة على تسمية كلّ دم ثابت له تلك الأحكام دم استحاضة إمّا مجازاً أو حقيقةً محتمل الطريان ، ولكنه لا يثبت التلازم الشرعي أو اللغوي ، ولو ادّعي الإجماع المركّب لمنعناه .
فإن قيل : نحن لا نعرف لدم الاستحاضة معنى إلّا ما ثبت له تلك الأحكام .
قلنا : إن اُريد أنه كذلك في العرف المتأخّر فلا يضرّ ، وإن أريد غيره فلا نسلّم ، كيف ؟! وقد فسّر غير واحد من أهل اللغة (١) بل الفقهاء (٢) أيضاً دم الاستحاضة بأنه دم يخرج من العرق العاذل ، وهو عرق في أدنى الرحم .
وقال الجوهري : العاذل اسم للعرق الذي يسيل منه دم الاستحاضة (٣) .
فيمكن أن يكون المراد في الأخبار بدم الاستحاضة المعتبر في معرفته الأوصاف وله أحكام شرعاً : هذا الدم وإن ثبت تلك الأحكام لغيره أيضاً .
بل يدلّ على التغاير ما صرّح به في بعض الأخبار أنها بمنزلة المستحاضة ، كما في موثّقة يونس بن يعقوب (٤) ، وفي بعض آخر : تفعل كما تفعله المستحاضة ،
__________________
(١) كما في القاموس ٢ : ٣٤١ ، ويستفاد من كلام الصحاح ٥ : ١٧٦٢ في تفسير العاذل .
(٢) الحدائق ٣ : ٢٧٦ ، كشف الغطاء : ١٢٧ .
(٣) الصحاح ٥ : ١٧٦٢ .
(٤) الكافي ٣ : ٧٩ الحيض ب ٤ ح ٢ ، التهذيب ١ : ٣٨٠ / ١١٧٩ ، الاستبصار ١ : ١٣١ / ٤٥٣ ، الوسائل ٢ : ٢٨٥ أبواب الحيض ب ٦ ح ٢ .