الشيخ علي القوچاني واحدا من تلك الزبدة.
قيل : « باستثناء هذين الوقتين ، فقد كان الآخوند يعقد في منزله كل ليلة وبعد الفراغ من درسه في مسجد الطوسي مجلسا خاصا يحضره ابرز تلامذته يتذاكرون فيه المسائل الفقهية والاصولية المشكلة ، فكانوا يأتون بالكتب المختلفة يتفحصونها ويبحثون فيها ويقضون الساعات في حضرته بالبحث والنقاش ورفع الاشكالات والاستفادة من معين الاستاذ. ونحن نذكر بعض افاضل المشاركين في ذلك المجلس الخاص للآخوند : الشيخ مهدي المازندراني ، الشيخ علي القوچاني ، و ... » (١).
نعم ، لقد كان القوچاني رحمهالله ـ مضافا الى مقامه العلمي السامي ومهارته الفائقة في التدريس ـ حائزا على مكانة رفيعة عند استاذه ، إذ كان متضلعا في الامور الاجتماعية وصاحب نظرة ثاقبة ورؤية قوية بحيث كان استاذه الآخوند يستشيره في الكثير من القضايا والمسائل.
يتمتّع الشيخ علي القوچاني قدسسره بمكانة رفيعة ومنزلة خاصّة عند الفقهاء والعلماء ، وترجم له غالب المهتمين بتلك المرحلة ، فقد قال فيه آغا بزرگ :
« كان أحد أعلام أهل الفضل ورجال التحقيق والمعرفة الاجلاء ، لازم درس الشيخ محمد كاظم الخراساني سنينا طويلة حتى عد من افاضل تلامذته وكبارهم ، وصار مقرر بحثه في حياته لجمع كبير من تلاميذ استاذه ، ولما توفي شيخنا الخراساني في سنة ١٣٢٩ ه صار المترجم له مرجعا لتدريس الخارج من بعده ، والتف حوله المحصلون والنابهون من اهل العلم ، وكان يحضر درسه اكثر من مائة ، وكان على جانب كبير من سعة العلم وغزارة المادة ودقة النظر وصواب الرأي والتحقيق والتدقيق ، كما اعترف به معاصروه وكبار المتخرجين عليه » (٢).
ولجودة بيانه الرفيعة مضافا إلى الفهم الدقيق للمطالب العلمية فإنّه كان من نوادر الذين يقومون بتقرير درس الآخوند رحمهالله بحضور جمع من طلابه للاستفادة من محضره الشريف وحل مشاكلهم العلمية التي كانوا لا يتمكنون من حلها عن طريق مراجعة الآخوند.
اضف الى ذلك ان صاحب الذريعة يذكره دائما ـ اينما حل ذكره ـ بالاحترام والاكرام (٣).
ثمّ ان المحقق القوچاني كان ذا مكانة سامية عند العلماء الكبار والمراجع من امثال السيد
__________________
(١) مرگى در نور ص ١٠٣.
(٢) نقباء البشر ج ٤ ص ١٥٠٣.
(٣) نقباء البشر ج ٣ ص ١٥٠٣ ؛ الذريعة ج ١٤ ص ٣٤ ؛ وج ٤ ص ٣٨٠.