الأدب والفقه والاصول.
وبعد إكماله ما يسمى بدراسات السطوح هاجر رحمهالله إلى النجف الأشرف ليلتحق بحوزتها العريقة للاستفادة من اساتذتها العظام فاستقر في جوار امير المؤمنين عليهالسلام.
وكانت النجف آنذاك تعيش عصرا من عصورها الذهبية ؛ إذ برز فيها علماء كبار جلّهم من تلامذة الشيخ الأعظم الأنصاري قدسسره ، في طليعتهم المحقق الكبير صاحب الكفاية الآخوند الخراساني قدسسره ، فكان يعد مجلس درسه من أكبر دروس حوزة النجف يحضره اكثر من الف طالب ، فاختص به المترجم له لانه وجد فيه ضالته ، كما ان استاذه وجد فيه الطالب الجاد الكفوء فاهتم به اكثر من غيره فصار يعد من تلامذته المرموقين الذين يشار اليهم بالبنان وتنعقد عليهم الآمال ليصبح علما من اعلام الدين والعلم في المستقبل.
لقد اخذ فقيهنا الجليل موقعا كبيرا عند استاذه الآخوند وعند عامة رجال الحوزة آنذاك اساتذة وطلابا. وكان الآخوند يتمتع بمزايا كثيرة جدا من اهمها : عذوبة البيان وحلاوة المقال ، فكان يتعرض الى المطالب المطولة المشكلة ببيان مختصر واضح في منتهى الدقة والتركيز ؛ وكان امرا صعبا ينفرد به بعض الاساتذة الكبار الذين قد جمعوا بين وضوح الفكر ودقة التعبير (١).
وحيث إنّ الآخوند يستوعب المطلب بعبارة دقيقة فلا يسمح لاحد ان يتكلم في مجلس درسه الاّ نادرا ، وكان الشيخ علي القوچاني من أولئك الذين يجيزهم الآخوند بإبداء الرأي والمناقشة.
قيل : « فقد سمعت بعض الثقاة من اهل العلم يقول : لم يتجرأ احد على الكلام والاستشكال في محاضرات الآخوند ـ مهابة له ـ الا نفر قليل من امثال : آقا ضياء العراقي ، والسيد البروجردي ، والشيخ علي القوچاني ، والشيخ عبد الله الگلپايگاني ، والسيد رضا المسجد شاهي الاصفهاني ؛ وكان الآخوند لا يعير كبير اهمية لاستشكالات غير السيد البروجردي والشيخ علي القوچاني صاحب الحاشية المطبوعة على الكفاية » (٢).
ثمّ ان الآخوند ـ مضافا الى محاضراته العامة في الفقه والاصول ـ كان يعقد مجلسا ليليا خاصا يحضره زبدة تلامذته يبحثون فيه المسائل الفقهية والاصولية المستعصية ، وكان آية الله
__________________
(١) مرگى در نور ( فارسى ) ص ١٠٧ ، نقلا عن آية الله النجفي القوچاني.
(٢) آثار الحجة ص ١٧٠.