الشر منه والمفسدة في وجوده.
قلت : مضافا الى ما عرفت من مساوقة امساكه تعالى ـ من افاضة الوجود عن ذلك الممكن بعد تمامية استعداده لقبول الوجود ـ [ للبخل ] (١) عليه تعالى مع كونه تاما في الافاضة ؛ انّ وجود مثل ذلك الكافر له جهتان :
أحدهما : كونه وجودا ، والوجود بما هو خير محض ، اذ ليس إلاّ الفوز ، ويكون بما هو كذلك مفاضا عن الواجب ، إذ الخير المحض لا يسند اليه إلاّ الخير.
وثانيهما : كونه محدودا مرتبة ، وهي فاقديته لمرتبة اخرى من الوجود فيكون ناقصا من تلك الجهة ، ولا تكون جهته هذه صادرة عن الواجب إذ هي عدمية ، لكونها بمعنى فاقديته لمرتبة الكمال ؛ وحينئذ الافعال الصادرة من ذلك الوجود ان كانت خيرات فراجعة الى اختياره الناشئ من الجهة الاولى وان كانت شرورا فإلى اختياره الناشئ عن الجهة الثانية ، وهي لما لم تكن راجعة اليه تعالى فلا وجه للسؤال المذكور.
ويدل على ما ذكرنا من استناد الخيرات اليه تعالى والشرور الى العبد قوله تعالى : ( ما أَصابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللهِ وَما أَصابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ ) (٢) وقوله تعالى حكاية عن يوسف عليهالسلام : ( إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلاَّ ما رَحِمَ رَبِّي ) (٣) ؛ ويؤيده ما عن الصادق عليهالسلام : « انّ الله تعالى أولى بحسنات العبد منه وانّ العبد أولى بسيئاته منه ». (٤)
__________________
(١) في الاصل الحجري ( البخل ).
(٢) سورة النساء : ٧٩.
(٣) سورة يوسف : ٥٣.
(٤) الكافي ١ : ١٥٢ باب المشيئة والارادة الحديث ٦ وكذلك ١ : ١٦٠ باب الجبر والقدر والامر بين الامرين ، الحديث ١٢. والتوحيد : ٣٣٨ الحديث ٦ وص ٣٤٠ الحديث ١٠ وص ٣٤٤ الحديث ١٣. لكن الفاظ الرواية في المصادر الآنفة تختلف مع ما ذكره القوچاني قدسسره ولعله قد نقله بالمضمون.