والحاصل : انّ الافعال مستندة الى اختيار الفاعل الناشئ من اختيار الخاصة الذاتية التي لا تتغير.
إلاّ انك عرفت انّ جهة استناد الخيرات اليه بما [ هي ] (١) وجود غير ما هي جهة استناد الشرور اليه من [ كونها ] (٢) في مرتبة خاصة فاقدة لمرتبة اخرى من الكمالات.
ثم انّ الاستعدادات الذاتية ليست بحيث تكون علة تامة لصدور الافعال الاختيارية في كل الفاعلين :
فمنهم : من كان كذلك في طرف الخيرات كالانبياء المقربين.
ومنهم : من كان في طرف الشرور كذلك كالحوادث الخبيثة في مقابلهم.
ومنهم : من كان استعداده في أحد الطرفين بنحو الاقتضاء لا العلّية ، بحيث يكون قابلا للمنع أو يحتاج الى الشرط من مثل قوله تعالى : ( اتَّقُوا اللهَ ) (٣) أو إغواء الشيطان في مقابله ، وان كان المانع أو الشرط راجعا الى الذات أيضا.
إلاّ انّ صدور الوعظ من الامام عليهالسلام ـ كي يختار عنده الالفاظ ـ غير راجع الى ذات الفاعل ؛ ويؤيده الامر بالدعاء في الاخبار.
وما ورد في بعض الادعية « ان كنت من الاشقياء فاجعلني من السعداء » (٤) وبه يتم ارسال الرسل وتنزيل الكتب ، فانّه ليس ذلك إلاّ لكون مثل الدعاء والوعظ والوعد من الله تعالى ـ وغير ذلك ـ شرطا لاختيار الفعل الحسن بعد ما كان اقتضاؤه
__________________
(١) في الاصل الحجري ( هو ).
(٢) في الاصل الحجري ( كونه ).
(٣) سورة آل عمران : ١٠٢.
(٤) الموجود في المصادر هو : « وان كنت من الاشقياء فامحني من الاشقياء واكتبني من السعداء ». اقبال الاعمال : ٥٠١ دعاء ليلة الثالث والعشرين من شهر رمضان. نعم في الصفحة السابقة من المصدر الآنف : « ... واجعل اسمي في السعداء ».