[ تاما ] (١) وان كان ذلك موجبا لمزيد الخسران بالنسبة الى بعض الذوات الخبيثة من جهة اختيار الشرور الناشئ عن ذواتهم [ و ] انّ ذلك لطف بالنسبة الى غيرهم.
وامساك التكليف مساوق للبخل بالنسبة اليهم ، وليس ذلك إلاّ لاختلاف الناس من حيث الذوات علّية واقتضاء. وما ذكرنا هو مضمون قوله عليهالسلام : « الناس معادن كمعادن الذهب والفضة » (٢) و « انّ الشقي شقي في بطن أمه والسعيد سعيد في بطن أمه » (٣) ؛ هذا كله في الافعال.
امّا الثواب والعقاب فحيث كانا من لوازم القرب والبعد اللازمين للاطاعة والمعصية الحاصلتين من الافعال الحسنة والسيئة الصادرة بالاختيار عقلا ، يندفع اشكال ترتبهما عليهما من حيث استنادهما بالأخرة الى الواجب ، لاستنادهما ايضا بتوسطها الى الاستعدادات الذاتية فينقطع عند ذلك السؤال.
ويشير الى ما ذكرنا ـ من كون الثواب والعقاب من لوازم الافعال عقلا ـ ما ورد في بعض الاخبار من تجسّم الاعمال (٤) أي كونها منشأ لمثل الحور والقصور.
ومما ذكرنا ـ من استناد أفعال العباد اليهم تارة من جهة صدورها عن اختيارهم والى الواجب اخرى من جهة كونهم مقهورين بالاختيار ـ ظهر معنى قوله عليهالسلام : « لا جبر ولا تفويض بل أمر بين الامرين » (٥) لا بمعنى انّه أمر ثالث ليس من سنخهما ، بل بمعنى كونه عين أحدهما حال كونه عين الآخر.
__________________
(١) في الاصل الحجري ( تماما ).
(٢) الكافي ( الروضة ) ٨ : ١٧٧ باب خطبة لامير المؤمنين عليهالسلام الحديث ١٩٧.
(٣) الصحيح هو : « الشقي من شقي في بطن أمه والسعيد من سعد في بطن أمه » ، بحار الانوار ٥ : ٩ الباب ١ من ابواب العدل الحديث ١٣ ؛ والتوحيد : ٣٥٦ باب ٥٨ باب السعادة والشقاء الحديث ٣.
(٤) وهي روايات كثيرة في ابواب ثواب الاعمال وعقابها ، وبعضها مبينة لكيفية تجليها واصابتها للمؤمن والكافر ، في البرزخ ويوم القيامة.
(٥) الكافي ١ : ١٦٠ باب الجبر والقدر الحديث ١٣. لكن فيه : « ... بل امر بين امرين ».