قال الفضل بن شاذان النيسابوري : لو أن رجلا ضرب ابنه ضربا غير مسرف في ذلك يريد به تأديبه فمات الابن من ذلك الضرب ورثه الأب ولم تلزمه الكفارة لان للأب أن يفعل ذلك وهو مأمور بتأديب ولده ، لأنه في ذلك بمنزلة الامام يقيم حدا على رجل فيموت الرجل من ذلك الضرب فلا دية على الامام ولا كفارة ، ولا يسمى الامام قاتلا إذا أقام حد الله عزوجل على رجل فمات من ذلك ، وإن ضرب الابن ضربا مسرفا فمات لم يرثه الأب وكانت عليه الكفارة ، وكل من كان له الميراث لا كفارة عليه ، وكل من لم يكن له الميراث فعليه الكفارة.
فإن كان بالابن جرح فبطه الأب (١) فمات الابن من ذلك ، فإن هذا ليس بقاتل وهو يرثه ولا كفارة عليه ولادية ، لان هذا بمنزلة الأدب والاستصلاح والحاجة من الولد إلى ذلك وإلى شبهه من المعالجات.
ولو أن رجلا كان راكبا على دابه فوطئت أباه أو أخاه فمات من ذلك لم يرثه وكانت الدية على العاقلة والكفارة عليه ، ولو كان يسوق الدابة أو يقودها فوطئت أباه أو أخاه فمات ورثه وكانت الدية على العاقلة للورثة ولم تلزمه كفارة (٢).
ولو أن رجلا حفر بئرا في غير حقه (٣) أو أخرج كنيفا أو ظلة فأصاب شئ منها وارثا فقتله لم تلزمه الكفارة وكانت الدية على العاقلة وورثه (٤) لان هذا ليس بقاتل ، الا ترى أنه إن فعل ذلك في حقه لم يكن بقاتل ولأوجب في ذلك دية ولا كفارة فإخراجه ذلك الشئ في غير حقه ليس هو قتلا لان ذلك بعينه
__________________
(١) في القاموس : البط : شق الدمل والجراح ونحوهما.
(٢) قال في المسالك : مذهب الأصحاب أن الكفارة في الخطأ لا تجب الا مع مباشرة القتل دون التسبيب ، واطلاق النص يقتضى عدم الفرق في القاتل بين كونه مكلفا وغيره.
(٣) أي في موضع لا يجوز له حفر البئر فيه.
(٤) جعل الدية على العاقلة يعطى كون ذلك قتل خطأ ، وكذا إذا ساق الدابة أو قادها فمنعه من الميراث في الأول دون الثاني قول بالتفصيل في منع قتل الخطأ عن الإرث ، وتقدم حديث محمد بن قيس ان قتل الرجل أمه خطأ غير مانع من الإرث. ( مراد )