قد نجا وصحيح قد هوى (١) ، قد يكون اليأس إدراكا والطمع هلاكا ، استعتب من رجوت عتابه ، (٢) لا تبيتن من امرء على غدر ، الغدر شر لباس المرء المسلم ، من غدر ما أخلق أن لا يوفى له ، الفساد يبير الكثير (٣) ، والاقتصاد ينمى اليسير ، من الكرم الوفاء بالذمم ، من كرم ساد ، ومن تفهم ازداد ، امحض أخاك النصيحة وساعده على كل حال ما لم يحملك على معصية الله عزوجل زل معه حيث زال (٤) لا تصرم أخاك على ارتياب ، ولا تقطعه دون استعتاب (٥) لعل له غدرا وأنت تلوم ، اقبل من متنصل عذره فتنالك الشفاعة (٦).
وأكرم الذين بهم تصول ، وازدد لهم طول الصحبة برا وإكراما وتبجيلا وتعظيما (٧) فليس جزاء من عظم شأنك أن تضع من قدره ، ولا جزاء من سرك أن تسوءه ، أكثر البر ما استطعت لجليسك فإنك إذا شئت رأيت رشده ، من كساه الحياء ثوبه اختفى عن العيون عيبه ، من تحرى القصد خفت عليه المؤن (٨) ، من لم يعط
__________________
(١) « دنف » أي المبتلى بمرض مزمن ، و « هوى » أي مات أو مرض
(٢) أي استرض من خفت عتابه قبل أن يعاتبك ، من الرجو وهو الخوف.
(٣) ما أخلق أي ما أليق ، وأباره أي أهلكه.
(٤) أي وافقه في جميع الأمور الا في المعاصي وهذه الجملة مقدمة على الجملة السابقة في المعنى.
(٥) أي لا تقطع أخاك بمجرد سوء الظن به في محبته أو فسقه ، وإذا وصل إليك منه خلاف فاسأله عن ذلك لأي شئ فعله أو قاله لعله يلقى إليك عذره ويرضيك فلا تقطعه قبل ذلك.
(٦) المتنصل : المعتذر ، ولعل المراد بالشفاعة شفاعة النبي والأئمة عليهمالسلام في القيامة ، أو هي كناية عن قبول عذره في القيامة ان لم يكن معذورا.
(٧) التبجيل : التعظيم أي أكرم أقرباءك وأصدقاءك واخوانك ومن كان من حاشيتك فان بهم تصول على عدوك فينبغي أن يراعى حشمتهم بزيادة البر والاحسان والاكرام والتوقير بالنسبة إليهم.
(٨) المؤن ـ بضم الميم وفتح الهمزة ـ جمع المؤونة أي الثقل والقوت.