المكلّف عليه وعجزه عنه في زمان ذلك الجزء ، وما ذكر في وجه التخيير أو الترجيح إنّما يستقيم إذا كان تقييد الواجبين المترتّبين في الوجود دون الوجوب [بالقدرة] (١) بمجرّد اقتضاء العقل له ، الحاكم بكفاية مطلق القدرة في تنجّز التكليف بإيجاد الواجب الثاني في وقته ، كما في الحجّ ونظائره ، لا في مثل المقام ممّا ورد فيه دليل لفظيّ دالّ على اشتراط وجوبه بالقدرة عليه عند حضور زمانه ، المستلزم لانتفاء شرط الوجوب في من عجز عنه حينئذ وإن كان قادرا قبله على ما يتمكّن معه من الفعل في زمانه.
أقول : ولكن قد أشرنا آنفا إلى أنّ استفادة وجوب أبعاض القيام وقت قوّته عليه من إطلاق الصحيحة لا تخلو عن تأمّل.
وأمّا القاعدة المذكورة أوّلا فهي إن سلّمت ففيما إذا كان تقدّم المتقدّم من حيث هو شرط في صحّة المتأخّر بأن يكون الواجب الإتيان بالثاني مقيّدا بكونه بعد الأوّل ، فيمتنع تعلّق الأمر به كذلك في مثل الفرض ؛ حيث إنّه لدى التحليل أمر بهما معا ، وأمّا إذا كان لكلّ واحد منهما في حدّ ذاته استقلال بالوجود والوجوب ـ كما لو أمر بفعلين أحدهما في اليوم والآخر في غده ، أو اعتبر جزءان في مركّب مقيّدا جزئيّتهما بالقدرة ، كالقراءة والركوع ، أو القيام حال الافتتاح وحال القراءة ـ من غير أن يكون لأحدهما دخل بالآخر فيما تعلّق الغرض به من جزئيّته للمركّب عدا أنّه يجب الإتيان بثانيهما بعد فعل الأوّل على تقدير تنجّز التكليف به وعدم معذوريّته في تركه لا مطلقا ، فلا نسلّم القاعدة المزبورة ، بل حالهما حينئذ حال الواجبين المتزاحمين اللّذين يجب فيهما رعاية الترجيح إن كان ، وإلّا فالتخيير.
__________________
(١) ما بين المعقوفين أضفناه من كتاب الصلاة للشيخ الأنصاري.