الإسرار به ، وستعرف ـ إن شاء الله ـ أنّ هذا على الإمام ليس على سبيل الوجوب ، بل الاستحباب ، فلا يفهم من الرواية إلّا مشروعيّة الجهر للمرأة حين تؤمّ النساء على حسب مشروعيّته لغيرها ممّن يؤمّ من الرجال ، لا من حيث كونه رجلا يجب عليه الجهر بالقراءة ، بل من حيث كونه إماما ينبغي أن يسمع من خلفه ما يقول ، كما لا يخفى.
ثمّ إنّا قد أشرنا إلى أنّه يستشعر من التحديد الواقع في الروايات أنّ الراجح في حقّها من حيث هي الإخفات ولو مع عدم سماع الأجنبيّ ، ولكنّه ليس بواجب ؛ إذ لا دليل عليه ، فلو أجهرت في مواضع الجهر ـ كما هو محلّ الكلام ـ لم تبطل صلاتها وإن سمع صوتها الأجنبيّ ، كما صرّح به غير واحد (١) ؛ للأصل.
وقيل : تبطل مع سماع الأجنبي (٢) ، بل ربما نسب هذا القول إلى المشهور (٣) ؛ بناء على أنّ صوتها عورة يحرم إسماعه واستماعه ، فتكون القراءة التي يتحقّق بها الإسماع منهيّا عنها ، فيمتنع وقوعها عبادة.
وفيه : منع الصغرى ، كما يأتي تحقيقه ـ إن شاء الله ـ في محلّه.
وقد أجيب أيضا بعد تسليم الصغرى : بمنع صيرورة القراءة من حيث هي منهيّا عنها بدعوى أنّ النهي متعلّق بأمر خارج عن ماهيّة القراءة (٤).
__________________
(١) راجع : بحار الأنوار ٨٥ : ٨٣ ، والحدائق الناضرة ٨ : ١٤١ ، والحاشية على مدارك الأحكام ٣ : ٦١.
(٢) قال به الشهيد في الذكرى ٣ : ٣٢٢ ، والمحقّق الكركي في جامع المقاصد ٢ :٢٦١ ، والشهيد الثاني في المقاصد العليّة : ٢٤٩.
(٣) نسبه إلى المشهور المجلسي في بحار الأنوار ٨٥ : ٨٣ ، والبحراني في الحدائق الناضرة ٨ : ١٤١.
(٤) راجع الحدائق الناضرة ٨ : ١٤١.