في محلّها من غير التفات إليها ، أجزأه بلا إشكال ، كما لو عزم على قراءة سورة القدر عقيب الفاتحة فغفل عن هذا العزم وقرأ التوحيد ، فإنّه يجزئه بلا تأمّل ، كما سيأتي (١) التنبيه عليه عند التكلّم في وجوب تعيين السورة عند بسملتها.
الرابعة : إذا شرع في التسبيح أو الفاتحة ، ففي محكيّ الذكرى :
الأقرب : أنّه ليس له العدول إلى الآخر ، محتجّا عليه بأنّه إبطال للعمل (٢).
وربما يستدلّ له أيضا باستلزامه الزيادة العمديّة.
وفيهما ما لا يخفى ؛ ضرورة عدم كون المراد بالنهي عن إبطال العمل ما يعمّ مثل المقام ، وإلّا يلزمه تخصيص الأكثر المستهجن ، وسيأتي مزيد توضيح لذلك في بعض المقامات المناسبة له من أحكام الخلل إن شاء الله.
وأمّا حصول الزيادة العمديّة المبطلة في مثل الفرض فقد مرّت المناقشة في صغراه وكبراه من وجوه مرارا في طيّ المباحث السابقة ، ويأتي مزيد توضيح له ـ إن شاء الله ـ في محلّه.
ويمكن الاستدلال له بقاعدة الاشتغال ، بناء على جريانها عند دوران الأمر بين التعيين والتخيير ، خصوصا في أجزاء الصلاة ونحوها ممّا قد يلتزم بوجوب الاحتياط فيها من لا يلتزم به في غيرها.
ولا يرد عليها إطلاقات أدلّة التخيير ولا استصحابه ؛ لإمكان الخدشة في الإطلاقات : بأنّ المتبادر منها إرادته في الابتداء ، وفي الاستصحاب :بتبدّل الموضوع ؛ إذ المتيقّن ثبوته في حال اليقين به لمن لم يختر شيئا منهما ، ومع اختيار أحدهما يتغيّر الموضوع ، ولا أقلّ من كون الشكّ فيه
__________________
(١) في ص ٣٧٧ وما بعدها.
(٢) الذكرى ٣ : ٣١٨ ، وحكاه عنه البحراني في الحدائق الناضرة ٨ : ٤٣٨.