الجحد.
ويحتمل أن يكون مراده مطلق غير الملتفت في مقابل العامد ، ومستنده الاقتصار في رفع اليد عن عموم الأخبار الناهية عن العدول من السورتين على مورد النصوص المخصّصة له ، وهو الناسي.
وفيه : أنّ النواهي قد خصّصت بهذا الفرد ، أي العدول عنهما إلى الجمعة والمنافقين في صلاة يوم الجمعة ، وكونه ملتفتا حال الشروع فيهما أو غير ملتفت ككونه مسبوقا بإرادة قراءة الجمعة والمنافقين ـ كما هو مورد أغلب النصوص ـ وعدمه من أحوال الفرد ، فلا يعمّه حكم العامّ بعد ورود التخصيص عليه ، فيرجع في حكم العامد إلى ما يقتضيه الأصل ، وهو الجواز ، كما تقدّمت الإشارة إليه غير مرّة.
لا يقال : إنّ مفاد الأخبار الناهية هو المنع عن العدول مطلقا ، فثبوت الرخصة في صلاة الجمعة مع النسيان لا يوجب إلّا تقييد إطلاقه بالنسبة إلى هذا الفرد ، لا إخراجه بنفسه عن مورد الحكم.
لأنّا نقول : أمّا ما عدا صحيحة الحلبي (١) فحالها حال الأخبار المخصّصة التي ادّعي انصرافها إلى الناسي ؛ لورودها في من أراد أن يقرأ سورة فبدأ بـ (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) فاستفادة المنع عنه في العامد من مثل هذه الأخبار إنّما هو بالفحوى ، فيمتنع دلالتها عليه فيما ثبت جوازه مع النسيان ؛ ضرورة عدم بقاء الدلالة التبعيّة بعد انتفاء أصلها.
وأمّا صحيحة الحلبي : فليس للجملة المستثناة الواقعة فيها ظهور في
__________________
(١) تقدّمت صحيحته في ص ٣٨٦.