وكيف كان فهذه الصحيحة لا تصلح قرينة لصرف سائر النصوص عن ظاهرها بعد موافقتها للجمهور ومخالفتها للمشهور أو المجمع عليه ، والله العالم.
ثمّ إنّا قد أشرنا مرارا إلى أنّ المنساق من مثل هذه النواهي ليس مجرّد الحكم التكليفي ـ أعني حرمة ما تعلّق به النهي من حيث هو ـ بل الوضعي أيضا ، فإنّ المتبادر منها إنّما هو إرادة خلوّ الصلاة عن المنهيّ عنه ، فيكون وجوده منافيا لصحّتها ، كما يؤيّد ذلك فهم الأصحاب وفتواهم.
فما في المدارك ـ من اختيار الحرمة دون الإبطال ؛ لكون النهي متعلّقا بأمر خارج عن العبادة (١) ـ ضعيف.
اللهمّ إلّا أن يقال : إنّ هذه النواهي لورودها في مقام توهّم المشروعيّة لا يتبادر منها أزيد من الحرمة التشريعيّة ، أي الحكم التكليفي ، فليتأمّل.
واستدلّ أيضا لحرمته وبطلان الصلاة به بوجوه أشار المصنّف رحمهالله إلى أغلبها فيما حكي (٢) عن معتبره حيث قال ما لفظه : لنا : قوله صلىاللهعليهوآله : «إنّ هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الآدميّين» (٣) والتأمين من كلامهم.
وقوله عليهالسلام : «إنّما هي التسبيح والتكبير وقراءة القرآن» (٤) و «إنّما» للحصر ، وليس التأمين أحدها. ولأنّ معناها : اللهمّ استجب ، ولو نطق بذلك أبطل
__________________
(١) مدارك الأحكام ٣ : ٣٧٣.
(٢) الحاكي هو السيّد الشفتي في مطالع الأنوار ٢ : ٧٠.
(٣) صحيح مسلم ١ : ٣٨١ ـ ٣٨٢ / ٥٣٧ ، سنن النسائي ٣ : ١٧ ، سنن البيهقي ٢ : ٢٤٩ ، مسند أحمد ٥ : ٤٤٧ ، المعجم الكبير ـ للطبراني ـ ١٩ : ٤٠١ / ٩٤٥.
(٤) صحيح مسلم ١ : ٣٨١ ـ ٣٨٢ / ٥٣٧ ، سنن النسائي ٣ : ١٧ ، سنن البيهقي ٢ : ٢٤٩ ، مسند أحمد ٥ : ٤٤٧ ، المعجم الكبير ـ للطبراني ـ ١٩ : ٤٠١ / ٩٤٥.