هذا ، مع أنّه لو كان بصيغة التعجّب ، ينبغي أن لا يشكّ في صدورها تقيّة ؛ ضرورة أنّ الإمام عليهالسلام لم يكن يبالغ في تحسين قول الناس ـ الذي كان من مبتدعاتهم ومخترعاتهم في العبادة ـ إلّا من باب التقيّة ، كما لا يخفى على من تتبّع أخبار الأئمّة عليهمالسلام وتدبّر فيها ، بل لا يكاد يوجد هذا النحو من التعبير في سائر كلماتهم المسوقة لبيان جواز شيء من ذكر أو دعاء ونحوه ، مع أنّه على هذا التقدير يكون مخالفا للإجماع ومناقضا لسائر النصوص ، فإنّ أقلّ مراتب الاستحسان الاستحباب ، وهذا ممّا لم يقل به أحد من الأصحاب ، وينفيه سائر الأخبار ، ولذا اعترض في المدارك على المصنّف رحمهالله بعد أن حكى عنه في المعتبر أنّه قال : ويمكن أن يقال بالكراهة ، ويحتجّ بما رواه الحسين بن سعيد عن ابن أبي عمير عن جميل (١) ، إلى أن قال : ويتوجّه عليه : أنّ هذه الرواية لا تعطي ما ذكره من الكراهة ، بل هي دالّة على نقيضه ؛ لأنّ أقلّ مراتب الاستحسان الاستحباب (٢). انتهى.
واعتذر غير واحد (٣) عن المصنّف رحمهالله بأنّه لعلّه قرأه بصيغة نفي التحسين ، الدالّة على المرجوحيّة ، ولكنّه فهم الجواز من الأمر بخفض الصوت بها.
ولكنّك عرفت (٤) أنّه يحتمل أن يكون هذا من كلام السائل.
__________________
(١) المعتبر ٢ : ١٨٦.
(٢) مدارك الأحكام ٣ : ٣٧٤.
(٣) كالفاضل الاصبهاني في كشف اللثام ٤ : ١٧ ـ ١٨ ، وصاحب الجواهر فيها ١٠ : ٩ ، وراجع مطالع الأنوار ٢ : ٧١.
(٤) في ص ٣٣٢.