ما استطعتم» (١) بناء على كون كلمة «من» للتبعيض كما هو الظاهر ، وكذا بقوله : «ما لا يدرك كلّه لا يترك كلّه» (٢) وأمّا قاعدة الميسور فالمدار في جريانها على كون الشيء ذا مراتب بنظر العرف بحيث يعدّ المأتيّ به لدى العرف نحوا من أنحاء وجودات تلك الطبيعة التي تعلّق بها الطلب ولو بنحو من المسامحة العرفيّة ، فما نحن فيه من أظهر مجاريها ، بل الظاهر كون الانحناء الغير البالغ إلى الحدّ المعتبر شرعا مصداقا حقيقيّا للركوع العرفي من غير مسامحة خصوصا بالنسبة إلى غير القادر من زيادة الانحناء ، فيمكن أن يستدلّ له أيضا بإطلاقات أدلّة الركوع مقتصرا في تقييدها بمرتبة خاصّة من زيادة الانحناء إلى أن تبلغ يداه ركبتيه بالنسبة إلى القادر لا مطلقا.
ودعوى أنّ الركوع شرعا اسم للانحناء المخصوص ، فلا يعمّ إطلاقه مثل الفرض ، محلّ نظر بل منع ، كما تقدّمت الإشارة إليه آنفا ، ولكن مقتضى هذا الدليل الاكتفاء بمسمّاه عند تعذّر المرتبة الخاصّة ، إلّا أن يتمسّك لتقييد إطلاقه بقاعدة الميسور ، فليتأمّل.
هذا ، مع أنّ دعوى كون هويّ الركوع كهويّ السجود مقدّمة لتحصيله ، عريّة عن الشاهد ، بل قضيّة تفسير الركوع بفعل الانحناء الظاهر في إرادته بمعناه الحدثي لا الهيئة الحاصلة منه القائمة بالشخص ، أو المرتبة الخاصّة من الانحناء ، التي ينتهي عندها الهويّ : كونه من حين التلبّس بفعل الانحناء آخذا في الركوع إلى أن يتحقّق الفراغ منه ، إلّا أنّ صدق عنوانه عليه مراعى عرفا بحصول مقدار معتدّ به من الانحناء ، وشرعا ببلوغه إلى حدّ
__________________
(١) تقدّم تخريجه في ص ٢٧ ، الهامش (٢).
(٢) غوالي اللآلئ ٤ : ٥٨ / ٢٠٧.