حركاتها الأصليّة ، فإنّ للهيئة التي هي بمنزلة الجزء الصوري للكلمة كالمادّة دخلا في قوام ماهيّة الكلمة بحسب وضعه ، ولذا صحّ توصيفه باللّحن.
وهكذا الكلام في الحركات العارضيّة الحاصلة للكلام بواسطة الوضع التركيبي من رفع الفاعل ونصب المفعول ، فصدق قراءة الحمد أو الشعر الفلاني مع اللّحن الغير المغيّر للمعنى ليس إلّا كصدقه مع اللّحن المغيّر للمعنى أو مع تحريف بعض كلماته ، فإنّه يصدق عليه اسم القراءة ولكن مع اتّصافها بعدم الصحّة ، أي بعدم الإتيان بجميع أجزائها على ما هي عليها بمقتضى وضعها الإفرادي أو التركيبي ، وإلّا لم تكن توصف بعدم الصحّة.
والحاصل : أنّه يعتبر في كون المقروء قرآنا حقيقة كونه بعينه هي الماهيّة المنزلة من الله تعالى على النبي صلىاللهعليهوآله مادّة وصورة ، وقد أنزله الله تعالى بلسان عربيّ ، فالإخلال بصورته ـ التي هي عبارة عن الهيئات المعتبرة في العربيّة بحسب وضع الواضع ـ كالإخلال بمادّته مانع عن صدق كونه هي تلك الماهيّة ، وصدق اسم قراءة القرآن على المجموع المشتمل على الجزء الملحون إمّا من باب التجوّز أو التغليب ، وإلّا فيصحّ أن يقال : إنّ هذه الكلمة بهذه الكيفيّة ليست بقرآن ، كما هو واضح.
وكيف كان فلا ينبغي الارتياب في أنّه لا يجوز الإخلال عمدا بشيء من الإعراب المعتبر في صحّتها من حيث العربيّة ، وإنّما الإشكال والكلام في أنّه هل يكفي الإتيان بها صحيحة بمقتضى العربيّة مطلقا ، أم تجب متابعة أحد القرّاء السبع الذين ادّعى جماعة الإجماع على تواتر قراءاتهم (١) ،
__________________
(١) كما في مدارك الأحكام ٣ : ٣٣٨ ، ومنهم : المحقّق الكركي في جامع المقاصد ٢ :٢٤٥ ، والشهيد الثاني في روض الجنان ٢ : ٧٠٠.