إعراض الأصحاب عن ظاهرها مع مخالفة التفسير الوارد في هذه الرواية لما في المستفيضة المتقدّمة (١) الواردة في تفسير الآية من أنّ النحر هو رفع اليدين حيال الوجه أو إلى النحر ، إلّا أن يقال بعدم التنافي بين التفسيرين ؛ لإمكان إرادة أمر جامع بين المعنيين ، كما يؤيّد ذلك ما دلّ على أنّ للقرآن بطونا لا يعرفها إلّا أهله (٢). فعلى هذا تكون تلك الأخبار أيضا من مؤيّدات الحمل على الاستحباب ، والله العالم.
ومنها : الاستقرار بأن لا يكون ماشيا أو مضطربا ، بل يكون واقفا ساكنا ، بلا خلاف فيه على الظاهر ، بل عن غير واحد (٣) دعوى الإجماع عليه.
ويدلّ عليه ـ مضافا إلى ذلك ـ خبر سليمان بن صالح ـ المتقدّم (٤) في باب الإقامة ـ عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : «لا يقيم أحدكم الصلاة وهو ماش ولا راكب ولا مضطجع إلّا أن يكون مريضا ، وليتمكّن في الإقامة كما يتمكّن في الصلاة ، فإنّه إذا أخذ في الإقامة فهو في صلاة» فإنّه يفهم منه عرفا أنّ التمكّن الذي يراد منه ـ على الظاهر ـ الاستقرار والاطمئنان كان اعتباره في الصلاة لديهم مفروغا عنه ، فأراد الإمام عليهالسلام أن يبيّن اعتباره في الإقامة أيضا ببيان أنّه إذا أخذ في الإقامة فهو في الصلاة ، وحيث إنّا علمنا أنّه عليهالسلام لم يقصد بهذا حقيقته ، حملناه في الإقامة على الاستحباب بشهادة
__________________
(١) في ج ١١ ، ص ٤٨٣ و ٤٨٤.
(٢) راجع : بحار الأنوار ٩٢ : ٧٨ وما بعدها.
(٣) كفخر المحقّقين في إيضاح الفوائد ١ : ٧٩ ، وصاحب الجواهر فيها ٩ : ٢٥٩ ـ ٢٦٠ ، والوحيد البهبهاني في مصابيح الظلام ٧ : ٤٧ ، وحكاه عنهم الشيخ الأنصاري في كتاب الصلاة ١ : ٢٢٥.
(٤) في ج ١١ ، ص ٢٧٦.