«إن كان معك قرآن فاقرأ به» ما عدا بعض الآيات التي يحسنها من الفاتحة على ما هو مبنى الاستدلال ، كما أنّا لو قلنا بدلالة أدلّة البدليّة عند تعذّر الجميع على اعتبارها عن كلّ جزء جزء وكون أبعاض البدل بدلا عن أبعاض المبدل لكان مقتضاه أيضا ذلك ، بل مقتضاهما التعويض بالذكر إن لم يكن معه شيء آخر من القرآن ، خلافا لما حكي عن بعض (١) ، بل نسب إلى جماعة (٢) من أنّه لدى العجز عن قراءة غيره من القرآن أوجب تكرير ما يحسنه من الفاتحة بدعوى أقربيّته إلى الفائت من الذكر.
وفيه ما عرفت ، فالقول بالتعويض بغيره مطلقا بعد البناء على تماميّة أدلّتهم لا يخلو عن قوّة.
ويجب أن يكون العوض بقدر المعوّض عنه ، كما هو صريح كلماتهم ويقتضيه بعض أدلّتهم المتقدّمة.
وهل يراعى في ذلك عدد الحروف أو الآيات أو هما معا؟ احتمالات لا يخلو أوّلها عن قوّة ، كما ستعرف.
(وإن تعذّر) بأن لم يتعلّم شيئا من الفاتحة حتى ضاق الوقت (قرأ ما تيسّر من غيرها) من القرآن (أو سبّح الله وهلّله وكبّره بقدر القراءة ثمّ يجب عليه التعلّم).
والذي يظهر من المتن : التخيير بين القراءة والتسبيحات ، وهو خلاف المشهور ، فإنّ المشهور بين الأصحاب ـ على ما نسب (٣) إليهم ـ القول
__________________
(١) العلّامة الحلّي في نهاية الإحكام ١ : ٤٧٥ ، وحكاه عنه المحقّق الكركي في جامع المقاصد ٢ : ٢٥٠.
(٢) كما في جواهر الكلام ٩ : ٣٠٥.
(٣) الناسب هو البحراني في الحدائق الناضرة ٨ : ١١١.