ثمّ إنّهم اختلفوا في أنّ المستحبّ هل هو قراءة الجحد في الأولى والتوحيد في الثانية ، أو العكس؟
فعن جملة من الأصحاب (١) التصريح بالأوّل ونسبة عكسه إلى رواية مع نفيهم للبأس عن العمل بها ، كما هو مختار المصنّف على ما يظهر من قوله : (ولو بدأ فيها بسورة التوحيد ، جاز) بل عن المحقّق الثاني أنّه المشهور (٢).
ولعلّ مستنده ـ مع كونه خلاف ما يستشعر أو يستظهر من الخبر المزبور (٣) ـ الأخبار الخاصّة الواردة في بعض تلك الموارد ، المصرّحة بقراءة الجحد في الركعة الأولى والتوحيد في الثانية.
مثل : قول أبي عبد الله عليهالسلام في خبر سليمان بن خالد بعد تعداد النوافل : «ثمّ الركعتان اللّتان قبل الفجر تقرأ في الأولى منهما (قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ) وفي الثانية (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ)» (٤).
وما عن الشيخ في المصباح أنّه قال : وروي أنّه «يقرأ في الركعة الأولى من نافلة المغرب سورة الجحد ، وفي الثانية سورة الإخلاص» (٥).
وفي خبر رجاء بن أبي الضحّاك الحاكي لفعل الرضا عليهالسلام في نافلة المغرب : كان يقرأ في الأولى من هذه الأربع ركعات الحمد و (قُلْ يا أَيُّهَا
__________________
(١) منهم : الطوسي في النهاية : ٧٩ ، والمبسوط ١ : ١٠٨ ، والعلّامة الحلّي في نهاية الإحكام ١ : ٤٧٨ ، وقواعد الأحكام ١ : ٢٧٤ ـ ٢٧٥ ، والشهيد في البيان : ١٦٢ ، والحاكي عنهم هو العاملي في مفتاح الكرامة ٢ : ٤٠٤ و ٤٠٥.
(٢) جامع المقاصد ٢ : ٢٧٦ ، وحكاه عنه العاملي في مفتاح الكرامة ٢ : ٤٠٤.
(٣) في ص ٣١٣.
(٤) التهذيب ٢ : ٥ / ٨ ، الوسائل ، الباب ١٣ من أبواب أعداد الفرائض ، ح ١٦.
(٥) مصباح المتهجّد : ٩٨ ، الوسائل ، الباب ١٤ من أبواب القراءة في الصلاة ، ح ١.