عدم حرمة الفرد في جواز اختياره في مقام امتثال الأمر المتعلّق بالطبيعة من حيث هي ، فإنّ قضيّة تعلّق الأمر بالطبيعة كون المكلّف مخيّرا في الإتيان بأيّ فرد من أفرادها السائغة.
وتوهّم استلزامه اجتماع الأمر والنهي في واحد شخصيّ عند اختيار الفرد المكروه كالمحرّم ، مدفوع أوّلا : بكونه شبهة في مقابلة الضرورة ، وثانيا : بما حقّقناه في كتاب الطهارة عند توجيه كراهة الوضوء بالماء المسخّن بالشمس (١).
فتلخّص ممّا ذكرنا أنّ القول بالجواز هو الأقوى ، فعلى هذا يكفي في حصول التعلّم الواجب تحصيل القدرة على القراءة من المصحف ، والله العالم.
(وإن ضاق الوقت) عن التعلّم (قرأ ما تيسّر منها) وصحّت صلاته بلا خلاف فيه ولا إشكال فيما إذا لم يكن عن تقصير ؛ لأنّ هذا هو الذي تقتضيه الأصول المقرّرة في الشريعة من عدم سقوط الصلاة بحال ، وانتفاء التكليف بغير المقدور ، وعدم سقوط الميسور بالمعسور.
وأمّا إذا كان عن تقصير ، فلا يخلو صحّتها عن إشكال ؛ إذ القدرة المعتبرة في صحّة التكليف هي مطلق القدرة الحاصلة في الفرض ، لا القدرة المطلقة ، أي المستمرّة إلى زمان الفعل ، وليس معنى أنّ «الصلاة لا تسقط بحال» بقاء الأمر بها بعد أن عصى المكلّف وصيّر إيجادها على النحو المعتبر شرعا في حقّه ممتنعا ، بل معناه أنّه لا يعرض للمكلّف حال ولا مرتبة من العجز إلّا وهو مكلّف بالصلاة معها بحسب وسعه ، ومن الواضح
__________________
(١) راجع ج ١ ، ص ٢٩٣ وما بعدها.