أن يحفظ شيئا من القرآن ، وإلّا لأمره النبي صلىاللهعليهوآله بالقراءة من المصحف ؛ لتقدّمها على التسبيح والتحميد لدى الضرورة إجماعا ، كما ادّعاه غير واحد (١).
وأمّا خبر عليّ بن جعفر : فمقتضى الجمع بينه وبين رواية الصيقل ، المتّحدة معه موردا بمقتضى ظاهر السؤال : الحمل على الكراهة ، ولا يصحّ تنزيل إطلاق نفي البأس الوارد في خبر الصيقل على من لا يستطيع أن يقرأ شيئا من القرآن حتى الفاتحة عن ظهر القلب ، فإنّه تنزيل على فرد نادر بل غير واقع بحسب العادة ؛ إذ العادة قاضية بحفظ فاتحة الكتاب وشيء من القرآن ممّا يقرؤه الرجل في صلواته الخمس قبل أن يصير عارفا بقراءة المصحف.
ويتلوه في الضعف حمل خبر الجواز على النافلة ، وخبر المنع على الفريضة ؛ فإنّه وإن أمكن ولكنّه بلا شاهد.
وأمّا ما ادّعي من الإجماع على كراهة القراءة من المصحف : فهو على خلاف المطلوب أدلّ ؛ إذ المراد بها إمّا كراهة الإتيان بالقراءة الواجبة في الصلاة بهذه الكيفيّة ، فلا معنى لها إلّا الكراهة العبادي الغير المنافية لصحّتها ، كالصلاة في الحمّام ، أو كراهتها باعتبار اشتمالها على النظر إلى المصحف المفتوح بين يديه ، الذي هو في حدّ ذاته ممّا يكره في الصلاة ، فمتعلّق الكراهة في الحقيقة هو النظر إلى المصحف الذي هو مقدّمة للقراءة التي هي عبادة ، لا نفسها ، فلا محذور فيه أصلا ، أو كراهة القراءة من المصحف في الصلاة من حيث هي كراهة حقيقيّة ، فحينئذ نقول : يكفي
__________________
(١) كالسيّد الشفتي في مطالع الأنوار ٢ : ٣٣.