وكيف كان فالإنصاف أنّ في اعتذاره عليهالسلام عن فعله وفعل أبيه عليهماالسلام في الخبرين المزبورين (١) إشعارا بكونه تقيّة ، وأنّ غرضه من التعليل في الخبر الأوّل ردع شيعته عن التأسّي بفعله الذي هو كالنصّ في الجواز ، ولعلّ في إجمال ما أراده بالتفقّه وعدم شرحه لهم أيضا إيماء إليه.
والحاصل : أنّ هذه الأخبار ـ بعد إعراض الأصحاب عنها وقوّة احتمال جريها مجرى التقيّة ـ لا تصلح معارضة لما عرفت ، فالقول بوجوب سورة كاملة مع أنّه أحوط لا يخلو عن قوّة.
ولكن هذا إنّما هو في الفرائض مع سعة الوقت والاختيار ، دون النوافل أو الفرائض لدى الضرورة أو العجز عن قراءتها ولو لضيق الوقت عنها أو عن تعلّمها ؛ إذ غاية ما يمكن استفادته من الأدلّة المتقدّمة إنّما هو وجوبها في الفرائض في الجملة ، والقدر المتيقّن منه إنّما هو في حال السعة والاختيار ، وليس في شيء من الأدلّة عموم أو إطلاق يمكن استفادة شرطيّتها منه على الإطلاق ، كما لا يخفى على المتأمّل.
هذا ، مضافا إلى ما عن المعتبر والمنتهى وغيره التصريح بعدم الخلاف في نفي وجوبها فيما عدا الفرائض مع الاختيار وسعة الوقت وإمكان التعلّم (٢).
ويشهد له في النوافل ـ مضافا إلى الأصل والإجماعات المحكيّة المستفيضة المعتضدة بعدم نقل الخلاف فيه عن أحد ـ رواية عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : «يجوز للمريض أن يقرأ في الفريضة فاتحة
__________________
(١) في ص ١٨٧ و ١٨٨.
(٢) المعتبر ٢ : ١٧١ ، منتهى المطلب ٥ : ٥٧ ، مدارك الأحكام ٣ : ٣٤٧ ، وحكاه عنها الشيخ الأنصاري في كتاب الصلاة ١ : ٣١٨ ـ ٣١٩.