وفيه : أنّ ما في ذيلها من الأمر بإجهار الصوت يصرفه عن حال الائتمام ؛ إذ لا ينبغي للمأموم أن يسمع الإمام شيئا ممّا يقوله ، كما في خبر أبي بصير ، المتقدّم (١) ، بل الراجح في حقّه أن يخفض صوته ، كما دلّ عليه صحيحة جميل ، المتقدّمة (٢) ، فلا يبقى معه ظهور للإطلاق في إرادته.
نعم ، لو سلّمنا ظهوره في الشمول ، لا يصلح الخبران المتقدّمان (٣) الدالّان على استحباب التحميد لتقييده بغير حال الائتمام ، لا لقصورهما عن الحجّيّة بواسطة الإعراض فلا يجديهما المسامحة في الصلاحيّة لصرف الأدلّة المعتبرة عن ظواهرها ، فإنّه بالنسبة إلى أولاهما لا يخلو عن تأمّل ، بل لما أشرنا إليه من عدم التنافي بين المستحبّات.
ثمّ إنّه حكي عن أبي الصلاح وابن زهرة وغيرهما القول بأنّه يقول :سمع الله لمن حمده ، في حال ارتفاعه (٤) ، فإن أرادوه بعد حصول الاعتدال والانتصاب فهو ، وإلّا فالصحيحة حجّة عليهم.
والمراد بالسمعلة ـ على ما كشف عنه رواية المفضّل ، المتقدّمة (٥) ـ هو الدعاء لا الثناء ، وتعديته باللام لتضمّنه معنى الاستجابة ، كما صرّح به
__________________
(١) في ص ٣٢٠ و ٤٦٧.
(٢) في ص ٤٦٨.
(٣) في ص ٤٦٨ و ٤٦٩.
(٤) الكافي في الفقه : ١٤٢ ، الغنية : ٨٤ ، المراسم : ٧١ ، قواعد الأحكام ١ : ٢٧٦ ، وحكاه عنها العاملي في مدارك الأحكام ٣ : ٣٩٨ ـ ٣٩٩ ، والسيّد الشفتي في مطالع الأنوار ٢ : ١١٥.
(٥) في ص ٤٧٠.