ولكنّك عرفت مرارا ضعف كلّ من البناءين ، فالأقوى اختصاص المنع بقراءة آية السجدة لا غير.
وهل تبطل الصلاة بقراءتها من حيث هي ، أم لا تبطل إلّا بفعل السجدة ، فلو تركها عصيانا وقرأ سورة أخرى ومضى في صلاته صحّت صلاته؟ وجهان : من ظهور الرواية المعلّلة في أنّ المنافي لفعل الصلاة إنّما هي زيادة السجدة المتوقّفة على فعلها لا القراءة من حيث هي ، ومن أنّ الأمر بإيجاد السجدة المنافية لفعل الصلاة مرجعه إلى الأمر بإبطال الصلاة بفعل المنافي ، ولا يعقل معه بقاء الأمر بالمضيّ في صلاته ، كما هو لازم عدم البطلان ؛ لرجوعه إلى المناقضة ، ومن هنا حكموا ببطلان صلاة من وجب عليه إخراج ما يدافعه من الأحداث عند تضرّره بإمساكها ، فلا يتوقّف ما ذكر على ادّعاء أنّ الأمر بالسجدة يستلزم النهي عن ضدّها كي يناقش بالمنع ، ولا على أنّ الأمر بشيء مانع عن طلب ضدّه كي يقال بأنّ هذا فيما إذا كان الطلب المتعلّق بكلّ منهما مطلقا ، وأمّا إذا كان أحدهما مشروطا بعدم الخروج عن عهدة التكليف بالآخر فلا ، كما تقدّم توضيحه في مبحث التيمّم (١) ؛ لما أشرنا إليه من أنّ الأمر بإيجاد المنافي في الحقيقة أمر بالإبطال ، وهو يناقض الأمر بالمضيّ.
هذا ، ولكنّ الحقّ أنّ إرجاع الأمر بالسجدة بل وكذا التكلّم والحدث وغيرها من الأفعال المنافية للصلاة إذا كان الأمر متعلّقا بها من حيث هي لا من حيث مبطليّتها للصلاة إلى الأمر بإبطالها الذي يناقضه الأمر بالمضيّ مغالطة ، ولكن ما أشرنا إليه من إمكان مطلوبيّة المضيّ في الصلاة على سبيل
__________________
(١) راجع : ج ٦ ، ص ١٦٠ ـ ١٦١.