الملتفت المتردّد فيه المقصّر في الفحص والسؤال ، فإنّه خارج عن منصرف النصّ ، كما صرّح به غير واحد.
وهكذا الكلام فيما لو كان جهله بالحكم ناشئا من الجهل بحكم آخر ، كما لو صلّى نيابة عن الغير فزعم أنّ عليه رعاية حال المنوب عنه في الجهر والإخفات فأخفت في الجهريّة التي تحمّلها عن المرأة ، فإنّه أيضا خارج عن منصرف النصّ ، والله العالم.
بقي في المقام شيء ، وهو أنّا قد أشرنا إلى معذوريّة الجاهل بالحكم في هذه المسألة نصّا وإجماعا ، فهذا إجمالا ممّا لا شبهة فيه ، ولكن قد يشكل تعقّله من حيث اقتضائه اشتراط وجوب الجهر والإخفات بالعلم به ، وهو محال ؛ لأنّه دور صريح.
ويدفعه : أنّ وجوبهما ليس مشروطا بالعلم ، ولذا صرّح بعض (١) بل نسبه إلى ظاهر الأصحاب بعدم معذوريّته من حيث استحقاق المؤاخذة التي هي أثر الوجوب ، وإنّما هو معذور بمعنى أنّ صلاته مجزئة ، ولا تجب عليه إعادتها ، ولا استحالة في ذلك.
بيانه : أنّ من الجائز أن يكون لطبيعة الصلاة من حيث هي مصلحة ملزمة مقتضية لإيجابها ، وكونها في ضمن الفرد المشتمل على خصوصيّة الجهر أو الإخفات فيه مصلحة أخرى ملزمة أيضا ، فاجتماع كلتا المصلحتين في هذا الفرد أوجب تأكّد طلبه واختصاصه بالوجوب ، فإذا أتى المكلّف بالطبيعة في ضمن فرد آخر فقد أحرز المصلحة المقتضية لتعلّق الطلب بصرف الطبيعة ، فلا يعقل بقاؤها بعد بصفة الوجوب ، وعند ارتفاع
__________________
(١) الشيخ الأنصاري في فرائد الأصول : ٥٢٣.