ـ الذي يراد به نصب فقار الظّهر ـ مأخوذ في مفهوم القيام عرفا ؛ إذ ليس القيام عرفا ولغة إلّا الاعتدال المقابل للانحناء ، ولعلّ منه الاستقامة المقابلة للاعوجاج ، وإطلاق القائم على بعض أفراد المنحني في استعمالات سواد أهل العرف منشؤه اختفاء العرف الصحيح عليهم ، فعلى هذا يدلّ عليه ـ مضافا إلى ما عرفت ـ جميع الأخبار الدالّة على اعتبار القيام في الصلاة.
وفيه تأمّل بل منع ؛ فإنّ القيام ـ كالقعود والجلوس والاضطجاع ـ من المفاهيم المبيّنة لدى العرف ، وصدقه على بعض المصاديق الغير البالغة حدّ الانتصاب غير قابل للتشكيك ، وكونه في الأصل مأخوذا من الاعتدال الذي هو ضدّ الانحناء ممّا لا ينبغي الالتفات إليه في إطلاقاته الواردة في المحاورات العرفيّة ، ولذا لا حاجة إلى الاستدلال لوجوب هذه المراتب الفاقدة لإقامة الصلب عند تعذّر الانتصاب أو تعسّره الرافع للتكليف : بالإجماع أو بقاعدة الميسور ؛ فإنّ مقتضى القاعدة هو الاقتصار في تقييد إطلاقات أدلّته بما دلّ على وجوب إقامة الصلب ، المعلوم عدم إرادته إلّا للقادر.
هذا ، مع أنّا لو قلنا بكونه مأخوذا في مفهومه ، فإنّما هو في حقّ القادر بمعنى أن نقول : إنّ معناه الاعتدال والاستقامة ، ولكن في كلّ شيء بحسبه ، فالشخص العاجز المنحني بالذات اعتداله واستقامته إنّما هو بحسب حاله من الإتيان بما يمكنه من القيام ، فهو بالنسبة إليه مصداق حقيقيّ للقيام وإن لم يكن ذلك كذلك لو كان صادرا من غيره ممّن كان قادرا على إقامة صلبه.
وكيف كان فلا يخلّ بالانتصاب المعتبر في القيام إطراق الرأس