بلا خلاف فيه على الظاهر ، بل يظهر من بعض دعوى الإجماع عليه (١) ، بل عن التقي استحباب إرسال الذقن إلى الصدر (٢).
ولكن وقع تفسير اعتدال القيام المعتبر في الصلاة : بإقامة الصلب والنحر في مرسلة حريز عن أبي جعفر عليهالسلام ، قال : قلت [له] : (فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ) (٣) قال : «النحر : الاعتدال في القيام أن يقيم صلبه ونحره» (٤) وهو بظاهره ينافي إطراق الرأس ؛ فإنّه وإن فسّر النحر في اللغة بأعلى الصدر ولكن المراد بإقامته في الرواية بحسب الظاهر نصب العنق ، المنافي لاطراق الرأس ، وإلّا لاكتفى بذكر إقامة الصلب ، التي تتحقّق معها إقامة أعلى الصدر.
اللهمّ إلّا أن يقال : إنّ ذكره في الرواية من قبيل ذكر الخاصّ بعد العامّ ؛ دفعا لتوهّم إرادة المسامحة والتجوّز بإقامة الصلب ، مع ما في ذكره من التنبيه على المناسبة بينه وبين الآية التي وقعت الرواية تفسيرا لها.
فالإنصاف أنّه بعد التفات إلى تفسير النحر في اللغة بأعلى الصدر ـ كما في المجمع (٥) وغيره (٦) ـ لا يبقى للرواية ظهور في اعتبار أزيد من إقامة الصلب ، الغير المنافية لاطراق الرأس. ولو سلّم ظهورها في ذلك ، فلا بدّ من حملها على الاستحباب ؛ لعدم صلاحيّتها لتقييد الأخبار المطلقة بعد
__________________
(١) لاحظ : جواهر الكلام ٩ : ٢٥٣.
(٢) كما في الحدائق الناضرة ٨ : ٦٥ ، وراجع : الكافي في الفقه : ١٤٢.
(٣) الكوثر ١٠٨ : ٢.
(٤) الكافي ٣ : ٣٣٦ ـ ٣٣٧ / ٩ ، التهذيب ٢ : ٨٤ / ٣٠٩ ، الوسائل ، الباب ٢ من أبواب القيام ، ح ٣ ، وما بين المعقوفين أضفناه من المصدر.
(٥) مجمع البحرين ٣ : ٤٨٩ «نحر».
(٦) القاموس المحيط ٢ : ١٣٩ «نحر».