ربما نسب إلى المشهور (١) ، بل ربما يقتضيه فحوى إطلاق حكمهم في فتاويهم ومعاقد إجماعاتهم المحكيّة بعدم جواز العدول عمّا عداهما بعد تجاوز النصف إلى سورة أخرى الشامل بإطلاقه العدول إلى الجمعة والمنافقين ، أم لا يعتبر فيهما ذلك بل يجوز العدول عنهما إلى السورتين مطلقا ، كما هو صريح آخرين (٢)؟ وجهان ، أوجههما : الثاني ؛ لاطلاقات أدلّته السليمة عمّا يصلح لتقييدها ، والفحوى غير قطعيّة ، فلا اعتداد بها في الأحكام التعبّدية مع ما في أصلها من النظر ؛ إذ لم يعلم إرادة المجمعين من إطلاق كلماتهم عموم المنع حتى بالنسبة إلى الجمعة والمنافقين في يوم الجمعة.
ودعوى ظهور كلماتهم في ذلك بمقتضى الإطلاق ، وهو حجّة بعد الغضّ عن إمكان دعوى انصرافها عن مثل الفرض لدى الالتفات إلى ما فيه من الخصوصيّة ، غير مجدية ؛ إذ المدار في حجّيّة الإجماع على استكشاف رأي المعصوم من آراء المجمعين ، وهو موقوف على العلم برأيهم ، لا التعبّد بظواهر ألفاظهم.
نعم ، لو قلنا بحجّيّة الإجماع المنقول وكونه كمتون الأخبار ، اتّجه التمسّك بإطلاقه ، ولكنّ المبنى فاسد ، فالأشبه جواز العدول من سائر السّور أيضا إلى الجمعة والمنافقين مطلقا ما دام بقاء محلّه ، أي قبل الفراغ من السورة التي ابتدأ بها ، ولكنّه لا يخلو عن تردّد خصوصا بعد الالتفات
__________________
(١) نسبه إلى المشهور الشهيد الثاني في مسالك الافهام ١ : ٢٤٩ ، وكذا البحراني في الحدائق الناضرة ٨ : ٢٨٠.
(٢) كالطوسي في النهاية : ٧٧ ، والمبسوط ١ : ١٠٧ ، والعلّامة الحلّي في تحرير الأحكام ١ :٢٤٩ / ٨٦٤ ، وتذكرة الفقهاء ٣ : ١٥٠ ، المسألة ٢٣٤ ، وابن فهد الحلّي في الموجز الحاوي (ضمن الرسائل العشر) : ٧٨.