ما وقع عنه السؤال في هذه الرواية ، مع أنّ صريح جملة منها عدم العدول ، والمضيّ في صلاته إن كان ما جرى أوّلا على لسانه سورة الجحد والتوحيد ، بل وكذا هذه الرواية ظاهرها عدم الرجوع بعد بلوغ النصف ، فهذا كلّه ينافي الكلام المزبور ، فليس المراد بقوله : «فقرأ غيرها» أنّه جرى ألفاظ تلك السورة على لسانه بلا شعور أصلا على وجه عدّ ككلام النائم والغافل بحيث ينافي صحّته وجزئيّته للعبادة ، بل المقصود بقوله : «أراد أن يقرأ السورة فيقرأ غيرها» أو غير ذلك من العبائر الواردة بهذا المضمون في سائر الأخبار أنّه كان مريدا قبل الوصول إلى محلّ السورة أن يقرأ في هذه الركعة ـ مثلا ـ السورة الفلانيّة ، فعند وصوله إلى محلّها غفل عن ذلك فأخذ في سورة أخرى بمقتضى قصده الإجمالي المغروس في نفسه الباعث له على الإتيان بأجزاء الصلاة تدريجا على حسب مغروسيّتها في نفسه على سبيل الإجمال ، لا أنّه يصدر منه قراءتها بلا شعور أصلا على وجه ينافي جزئيّتها للعبادة.
نعم ، وقع في ذيل عبارة الرضوي التحديد بأقلّ من النصف (١) ، ولكن لا حجّيّة فيه ، كما تقدّمت الإشارة إليه ، مع إمكان إرجاعه إلى الأوّل ، جمعا بين الأدلّة ، كما لا يخفى.
وهل يعتبر في جواز العدول عن الجحد والتوحيد إلى الجمعة والمنافقين أيضا التحديد بعدم تجاوز النصف ، كما حكي عن بعض (٢) ، بل
__________________
(١) راجع ص ٣٨٨.
(٢) كابن ادريس في السرائر ١ : ٢٩٧ ، والشهيد في الدروس ١ : ١٧٣ ، والمحقّق الكركي في جامع المقاصد ٢ : ٢٨٠ ، والشهيد الثاني في روض الجنان ٢ : ٧١٥ ، وحكاه عنهم العاملي في مفتاح الكرامة ٢ : ٤٠٩.