كون المراد بالإيماء أعمّ من التغميض فهو لا يصلح شاهدا لحمل الأخفضيّة على ما يعمّ أكثريّة الغمض ؛ فإنّ قضيّة الأصل حمل قوله : «يجعل سجوده أخفض من ركوعه» (١) حمله على حقيقته ، وتقييده بالقدرة ، كما هو الشأن في سائر التكاليف. فيختصّ اعتباره فيما أمكن فيه ذلك بأن يكون الإيماء بالرأس. فالأشبه عدم اعتبار التفرقة بين الإيماءين في التغميض إلّا بالقصد ، كما هو مقتضى ظاهر خبر [محمّد بن] إبراهيم ، المتقدّم (٢) الذي هو عمدة مستند بدليّة التغميض ، والله العالم.
ولو لم يتمكّن من الإيماء بالعينين أومأ بواحدة ؛ لقاعدة الميسور.
ولو عجز عن ذلك أيضا ، فعن كاشف الغطاء أنّه يومئ ببعض أعضائه (٣) ، كيده مثلا.
ولعلّه لمطلقات الإيماء ، واختصاص تقييدها بالرأس أو العين بحال التمكّن ، أو لقاعدة الميسور.
وفيهما نظر ، إلّا أنّ مراعاته أحوط.
وهل يجب أن يقصد بهذه الأبدال بدليّتها عن مبدلها من الركوع والسجود والرفع عنهما ، أم لا يجب الالتفات إلى هذه الأفعال وقصدها ، بل يكفي الإتيان بالأبدال في مواضعها بقصد جزئيّتها لصلاته التي نوى بها الخروج عن عهدة ما هو تكليفه بالفعل؟ وجهان بل قولان.
استدلّ للأوّل : بأصالة الاشتغال ، ولأنّه لا يعدّ الإيماء أو التغميض ركوعا والفتح قياما إلّا بالنيّة ؛ إذ لا ينفكّ المكلّف عنهما غالبا ، فلا يتمحّضان
__________________
(١) راجع الهامش (٦) من ص ٦٥.
(٢) في ص ٥٩.
(٣) كشف الغطاء ٣ : ٢٠٤ ، وحكاه عنه صاحب الجواهر فيها ٩ : ٢٧٠.