مقام جعل البدليّة ، لا أنّه أوجبهما لكونهما ميسور المتعذّر.
نعم ، لو كان الهويّ إلى الركوع والسجود في حدّ ذاته جزءا مستقلّا للصلاة ، كان للتوهّم المزبور ـ أي وجوب الإتيان بما تيسّر منه مطلقا ـ وجه وإن لم يسلم أيضا عن الخدشة. ولكنّه ليس كذلك ، مع أنّ الأخبار ناطقة بأنّ الشارع إنّما اعتبره عوضا عن الركوع والسجود لا من حيث كونه بعضا من الهويّ الذي كان واجبا عليه.
فالأظهر : عدم وجوب فعل تمام ما يتمكّن من الإيماء من زيادة الانحناء ، بل كفاية مسمّاه لكلّ منهما مع رعاية الأخفضيّة للسجود فيما إذا كان فرضه الإيماء لهما وهو على حالة واحدة من قيام أو قعود أو اضطجاع ونحوه ، كما هو مورد الأخبار.
وحكي عن جملة من الأصحاب (١) وجوب التفرقة بين الإيماءين في التغميض أيضا ، فأوجبوا كونه للسجود أكثر منه للركوع ، فكأنّهم زعموا أنّ المراد بالإيماء المأمور به في الروايات ما يعمّ التغميض ، وقضيّة إطلاق الأمر بكونه للسجود أخفض : وجوبه في التغميض أيضا ، وهو في التغميض عبارة عن أكثريّة الغمض ؛ إذ لا معنى له بالنسبة إليه إلّا هذا.
وفيه : أنّ هذا ليس من معنى الأخفضيّة بشيء ، فاعتبار الأخفضيّة فيه قرينة لصرف إطلاق الإيماء إلى الإيماء بالرأس ـ كما هو المصرّح به في بعض أخباره (٢) ـ إن لم نقل بانصرافه في حدّ ذاته إليه ، وعلى تقدير تسليم
__________________
(١) منهم : يحيى بن سعيد في الجامع للشرائع : ٧٩ ، والشهيد في البيان : ١٥٠ ، والمحقّق الكركي في جامع المقاصد ٢ : ٢١٠ ، والشهيد الثاني في الروضة البهيّة ١ : ٥٨٧ ، وحكاه عنهم العاملي في مفتاح الكرامة ٢ : ٣١٣.
(٢) راجع ص ٦١.