وفيه : ما تقدّم في صدر المبحث من عدم نهوض الآية لإثبات وجوب القراءة في الصلاة.
وأضعف منه الاستدلال له : بأنّ القراءة أقرب إلى الفاتحة من الذكر ؛ لما في صغراه وكبراه من النظر ، كما أوضحناه في المسألة السابقة.
وهل يجب أن يراعى في القراءة قدر الفاتحة بمعنى أن لا يجتزئ بالأقلّ منها ، كما صرّح به غير واحد (١) ، أم لا يعتبر ذلك ، بل يكفي قراءة شيء ممّا معه من القرآن ممّا يطلق عليه اسم قراءة القرآن عرفا وإن لم يكن بقدر الفاتحة ، كما يظهر من بعض (٢)؟ وجهان : من عدم دليل يعتدّ به صالح لإثبات اعتبار المساواة ، فمقتضى الأصل براءة الذمّة عن التكليف بأزيد من مسمّى قراءة القرآن ، ومن أنّ المنساق إلى الذهن من الأمر بقراءة شيء من القرآن مكان فاتحة الكتاب لدى الجهل بها إنّما هو إرادة مقدار معتدّ به ممّا لا ينقص عن مقدار الفاتحة ، كما ربما يؤيّد ذلك فهم الأصحاب وتصريح جلّهم به ، ويشهد له مراجعة العرف. اللهمّ إلّا أن يناقش في فهم البدليّة عن الفاتحة من أدلّة القراءة.
وكيف كان فهذا الوجه إن لم يكن أقوى فلا ريب في أنّه أحوط.
وهل العبرة بقدرها في عدد الآيات ، أو في الحروف ، أو فيهما معا إن تيسّر وإلّا ففي الحروف؟ أقوال أوجهها وأشهرها بل المشهور على ما نسب (٣) إليهم : أوسطها ؛ إذ غاية ما يمكن ادّعاؤه إنّما هو انسباق
__________________
(١) مثل : العلّامة الحلّي في تذكرة الفقهاء ٣ : ١٣٦ ، ضمن المسألة ٢٢٤ ، والشهيد في الدروس ١ : ١٧٢ ، والذكرى ٣ : ٣٠٧ ، والمحقّق الكركي في جامع المقاصد ٢ : ٢٥١.
(٢) الشيخ الطوسي في المبسوط ١ : ١٠٦.
(٣) الناسب هو الشهيد الثاني في روض الجنان ٢ : ٦٩٦.