(وقيل) كما عن المفيد ومحتمل النهاية (١) : (حدّ ذلك) أي العجز المسوّغ للصلاة جالسا (أن لا يتمكّن من المشي بقدر زمان صلاته) قائما ، فحينئذ يسوغ له القعود وإن كان متمكّنا من الوقوف في جميع الصلاة أو بعضها على ما فسّره في الجواهر (٢).
ولكن من المستبعد التزام هذا القائل بهذا النحو من الإطلاق ، بل ينبغي الجزم بعدم إرادته الرخصة في الصلاة جالسا مع التمكّن من أن يأتي بجميع صلاته عن قيام بلا مشقّة ، بل الظاهر أنّ هذا الفرض خارج عن موضوع كلامه ؛ إذ الكلام مسوق لبيان حدّ العجز المتعلّق بالصلاة قائما المسوّغ للإتيان بها عن جلوس ، فحصول العجز عنه في الجملة ممّا لا بدّ منه.
ولكن قد أشرنا آنفا إلى أنّ المقصود به ليس العجز العقلي ، بل الضرورة العرفيّة التي يكون التكليف معها تكليفا حرجيّا في العادة ، ولكنّ المفيد قدسسره ـ على ما حكي عنه ـ اعتبر صيرورته إلى حدّ لا يقدر على المشي بقدر صلاته (٣) ، فمن صار إلى هذا الحدّ يشقّ عليه الصلاة قائما لا محالة ، ولكن قد لا تنتهي المشقّة إلى حدّ يعدّ معها التكليف حرجيّا في العادة ، فحينئذ تظهر ثمرة الخلاف.
ويحتمل أن يكون مقصوده بهذا التحديد المنع عن الجلوس مع القدرة على المشي وإن تعذّر عليه القرار ؛ لزعمه تقديم صلاة الماشي على
__________________
(١) المقنعة : ٢١٥ ـ ٢١٦ ، النهاية : ١٢٩ ، والحاكي عنهما هو العاملي في مفتاح الكرامة ٢ : ٣٠٨.
(٢) جواهر الكلام ٩ : ٢٥٨.
(٣) المقنعة : ٢١٥ ـ ٢١٦ ، وحكاه عنه العاملي في مفتاح الكرامة ٢ : ٣٠٨.